﴿ ءَأَتَّخِذُ ﴾ بهمزتين : كوفي ﴿ ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ ءَالِهَةً ﴾ [يس : ٢٣] يعني الأصنام ﴿ إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَـانُ بِضُرٍّ ﴾ [يس : ٢٣] شرط جوابه ﴿ لا تُغْنِ عَنِّى شَفَـاعَتُهُمْ شيئا وَلا يُنقِذُونِ ﴾ [يس : ٢٣] من مكروه، ﴿ وَلا ﴾ في الحالين : يعقوب ﴿ يُنقِذُونِ * إِنِّى إِذًا ﴾ [يس : ٢٤] أي إذا اتخذت ﴿ لَّفِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ ﴾ [آل عمران : ١٦٤] ظاهر بين.
ولما نصح قومه أخذوا يرجمونه فأسرع نحو الرسل قبل أن يقتل فقال لهم ﴿ إِنِّى ءَامَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ ﴾ [يس : ٢٥] أي اسمعوا إيماني لتشهدوا لي به.
ولما قتل ﴿ قِيلَ ﴾ له ﴿ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ﴾ [يس : ٢٦] وقبره في سوق أنطاكية.
ولم يقل " قيل له " لأن الكلام سيق لبيان المقول لا لبيان المقول له مع كونه معلوماً، وفيه دلالة أن الجنة مخلوقة.
وقال الحسن : لما أراد القوم أن يقتلوه رفعه الله إليه وهو في الجنة ولا يموت إلا بفناء السماوات والأرض، فلما دخل الجنة ورأى نعيمها ﴿ قَالَ يَـالَيْتَ قَوْمِى يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِى رَبِّى ﴾ أي بمغفرة ربي لي أو بالذي غفر لي ﴿ وَجَعَلَنِى مِنَ الْمُكْرَمِينَ ﴾ [يس : ٢٧] بالجنة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٧
﴿ وَمَآ أَنزَلْنَا ﴾ [الانفال : ٤١] " ما " نافيه ﴿ عَلَى قَوْمِهِ ﴾ [القصص : ٧٩] قوم حبيب ﴿ مِن بَعْدِهِ ﴾ [الأحزاب : ٥٣] أي من بعد قتله أو رفعه ﴿ مِن جُندٍ مِّنَ السَّمَآءِ ﴾ [يس : ٢٨] لتعذيبهم ﴿ وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ ﴾ [يس : ٢٨] وما كان يصح في حكمتنا أن ننزل في إهلاك قوم حبيب جنداً من السماء، وذلك لأن الله تعالى أجرى هلاك كل قوم على بعض الوجوه دون بعض لحكمة اقتضت ذلك ﴿ إِن كَانَتْ ﴾ [يس : ٢٩] الأخذة أو العقوبة ﴿ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً ﴾ [يس : ٤٩] صاح جبريل عليه السلام
١١
صيحة واحدة ﴿ فَإِذَا هُمْ خَـامِدُونَ ﴾ [يس : ٢٩] ميتون كما تخمد النار.
والمعنى أن الله كفى أمرهم بصيحة ملك ولم ينزل لإهلاكهم جنداً من جنود السماء كما فعل يوم بدر والخندق.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١
﴿ يَـاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [يس : ٣٠] الحسرة شدة الندم وهذا نداء للحسرة عليهم كأنما قيل لها تعالي يا حسرة فهذه من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها وهي حال استهزائهم بالرسل، والمعنى أنهم أحقاء بأن يتحسر عليهم المتحسرون ويتلهف على حالهم المتلهفون، أو هم متحسر عليهم من جهة الملائكة والمؤمنين من الثقلين ﴿ أَلَمْ يَرَوْا ﴾ [النمل : ٨٦] ألم يعلموا ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ ﴾ [طه : ١٢٨] " كم " نصب بـ ﴿ أَهْلَكْنَا ﴾ و ﴿ يَرَوْا ﴾ معلق عن العمل في " كم " لأن " كم " لا يعمل فيها عامل قبلها كانت للاستفهام أو للخبر، لأن أصلها الاستفهام إلا أن معناه نافذ في الجملة.
وقوله ﴿ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ [يس : ٣١] بدل من ﴿ كَمْ أَهْلَكْنَا ﴾ [طه : ١٢٨] على المعنى لا على اللفظ تقديره : ألم يروا كثرة إهلا كنا القرون من قبلهم كونهم غير راجعين إليهم ﴿ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾ [يس : ٣٢] ﴿ لَّمَّا ﴾ بالتشديد : شامي وعاصم وحمزة بمعنى إلا و " إن " نافية.
وغيرهم بالتخفيف على أن " ما " صلة للتأكيد و " إن " مخففة من الثقيلة وهي متلقاة باللام لا محالة.
والتنوين في ﴿ كُلِّ ﴾ عوض من المضاف إليه، والمعنى إن كلهم محشورون مجموعون محضرون للحساب أو معذبون.
وإنما أخبر عن ﴿ كُلِّ ﴾ بجميع لأن " كلا " يفيد معنى الإحاطة والجميع فعيل بمعنى مفعول ومعناه الاجتماع يعني أن المحشر يجمعهم ﴿ وَءَايَةٌ لَّهُمُ ﴾ [يس : ٣٣] مبتدأ وخبر أي وعلامة تدل على أن الله يبعث الموتى إحياء الأرض الميتة، ويجوز أن يرتفع ﴿ ءَايَةٍ ﴾ بالابتداء و ﴿ لَهُمُ ﴾ صفتها، وخبرها ﴿ الارْضُ الْمَيْتَةُ ﴾ [يس : ٣٣] اليابسة.
وبالتشديد : مدني ﴿ أَحْيَيْنَـاهَا ﴾ بالمطر وهو استئناف بيان لكون الأرض
١٢
الميتة آية وكذلك ﴿ نَسْلَخُ ﴾ ويجوز أن توصف الأرض والليل بالفعل لأنه أريد بهما جنسان مطلقان لا أرض وليل بأعيانهما فعوملا معاملة النكرات في وصفهما بالأفعال ونحوه :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١١
ولقد أمر على اللئيم يسبني