﴿ وَلَوْ شَآءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ [الشورى : ٨] أي مؤمنين كلهم ﴿ وَلَـاكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِى رَحْمَتِهِ ﴾ [الشورى : ٨] أي يكرم من يشاء بالإسلام ﴿ وَالظَّـالِمُونَ ﴾ والكافرون ﴿ مَا لَهُم مِّن وَلِىٍّ ﴾ [الشورى : ٨] شافع ﴿ وَلا نَصِيرٍ ﴾ [البقرة : ١٠٧] دافع ﴿ أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِىُّ ﴾ [الشورى : ٩] الفاء لجواب شرط مقدر كأنه قيل بعد إنكار كل ولي سواءه إن أرادوا أولياء بحق فالله هو الولي بالحق، وهو الذي يجب أن يتولى وحده لا ولي سواه.
﴿ وَهُوَ يُحْىِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ فهو الحقيق بأن يتخذ ولياً دون من لا يقدر على شيء ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَىْءٍ ﴾ [الشورى : ١٠] حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم للمؤمنين أي ما خالفتكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمر من أمور الدين ﴿ فَحُكْمُهُ ﴾ أي حكم ذلك المختلف فيه مفوض ﴿ إِلَى اللَّهِ ﴾ [غافر : ٤٤] وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين ﴿ ذَالِكُمُ ﴾ الحاكم بينكم ﴿ اللَّهُ رَبِّى عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ ﴾ [الشورى : ١٠] فيه رد كيد أعداء الدين ﴿ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [هود : ٨٨] أرجع في كفاية شرهم.
وقيل : وما وقع بينكم الخلاف فيه من العلوم التي لا تتصل بتكليفكم ولا طريق لكم إلى علمه
١٤٨
فقولوا : الله أعلم كمعرفة الروح وغيره.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٦
﴿ فَاطِرُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [يوسف : ١٠١] ارتفاعه عل أنه أحد أخبار ﴿ ذَالِكُمُ ﴾ أو خبر مبتدأ محذوف ﴿ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ [النحل : ٧٢] خلق لكم من جنسكم من الناس ﴿ أَزْوَاجًا وَمِنَ الانْعَـامِ أَزْوَاجًا ﴾ [الشورى : ١١] أي وخلق للأنعام أيضاً من أنفسها أزواجاً ﴿ يَذْرَؤُكُمْ ﴾ يكثركم.
يقال : ذرأ الله الخلق بثهم وكثرهم ﴿ فِيهِ ﴾ في هذا التدبير وهو أن جعل الناس والأنعام أزواجاً حتى كان بين ذكورهم وإناثهم التوالد والتناسل، واختير ﴿ فِيهِ ﴾ على " به " لأنه جعل هذا التدبير كالمنبع والمعدن للبث والتكثير.
والضمير في ﴿ يَذْرَؤُكُمْ ﴾ يرجع إلى المخاطبين والأنعام مغلباً فيه المخاطبون العقلاء على الغيب مما لا يعقل ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ﴾ [الشورى : ١١] قيل : إن كلمة التشبيه كررت لتأكيد نفي التماثل وتقديره ليس مثله شيء.
وقيل : المثل زيادة وتقديره ليس كهو شيء كقوله تعالى :﴿ فَإِنْ ءَامَنُوا بِمِثْلِ مَآ ءَامَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَّإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِى شِقَاقٍ ﴾ (البقرة : ٧٣١).
وهذا لأن المراد نفي المثلية، وإذا لم تجعل الكاف أو المثل زيادة كان إثبات المثل.
وقيل : المراد ليس كذاته شيء لأنهم يقولون " مثلك لا يبخل " يريدون به نفي البخل عن ذاته ويقصدون المبالغة في ذلك بسلوك طريق الكناية، لأنهم إذا نفوه عمن يسد مسده فقد نفوه عنه فإذا علم أنه من باب الكناية لم يقع فرق بين قوله " ليس كالله شيء " وبين قوله ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ ﴾ [الشورى : ١١] إلا ما تعطيه الكناية من فائدتها وكأنهم عبارتان متعقبتان على معنى واحد وهو نفي المماثلة عن ذاته ونحوه ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ﴾ [المائدة : ٦٤] (المائدة : ٤٦) فمعناه بل هو جواد من غير تصور يد ولا بسط لها، لأنها وقعت عبارة عن الجود حتى إنهم استعملوها فيمن لا يد له فكذلك استعمل هذا فيمن له مثل ومن لا مثل له ﴿ وَهُوَ السَّمِيعُ ﴾ [الشورى : ١١] لجميع المسموعات بلا أذن ﴿ الْبَصِيرُ ﴾ لجميع المرئيات بلا حدقة، وكأنه ذكرهما لئلا يتوهم أنه لا صفة له كما لا مثل له.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٦
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٤٩
﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ ﴾ [الزمر : ٦٣] مر في " الزمر " ﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ﴾ [الرعد : ٢٦] أي يضيق ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى : ١٢].
١٤٩