الله ورسوله في تقربكم إليه بالطاعة والعمل الصالح ﴿ وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً ﴾ [الشورى : ٢٣] يكتسب طاعة.
عن السدي : أنها المودة في آل رسول الله صلى الله عليه وسلّم نزلت في أبي بكر رضي الله عنه ومودته فيهم والظاهر العموم في أي حسنة كانت إلا أنها تتناول المودة تناولاً أولياً لذكرها عقيب ذكر المودة في القربى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٤
﴿ نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا ﴾ [الشورى : ٢٣] أي نضاعفها كقوله ﴿ مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَـاعِفَهُ لَهُا أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [البقرة : ٢٤٥] (البقرة : ٥٤٢) وقرىء وهو مصدر كالبشرى والضمير يعود إلى الحسنة أو إلى الجنة ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ ﴾ [البقرة : ٢٣٥] لمن أذنب بطوله ﴿ شَكُورٌ ﴾ لمن أطاع بفضله.
وقيل : قابل للتوبة حامل عليها.
وقيل : الشكور في صفة الله تعالى عبارة عن الاعتداد بالطاعة وتوفية ثوابها والتفضل على المثاب ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الشورى : ٢٤] " أم " منقطعة ومعنى الهمزة فيه التوبيخ كأنه قيل : أيتمالكون أن ينسبوا مثله إلى الافتراء ثم إلى الافتراء على الله الذي هو أعظم الفرى وأفحشها؟ ﴿ فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ [الشورى : ٢٤] قال مجاهد : أي يربط على قلبك بالصبر على أذاهم وعلى قولهم ﴿ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴾ [الكهف : ١٥] لئلا تدخله مشقة بتكذيبهم ﴿ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَـاطِلَ ﴾ [الشورى : ٢٤] أي الشرك وهو كلام مبتدأ غير معطوف على ﴿ يَخْتِمْ ﴾ لأن محو الباطل غير متعلق بالشرط بل هو وعد مطلق دليله تكرار اسم الله تعالى ورفع ﴿ وَيُحِقُّ ﴾ وإنما سقطت الواو في الخط كما سقطت في ﴿ وَيَدْعُ الانسَـانُ بِالشَّرِّ دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ ﴾ [الإسراء : ١١] (الاسراء : ١١) و ﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴾ [العلق : ١٨] (الفلق : ٨١) على أنها مثبتة في مصحف نافع ﴿ وَيُحِقُّ الْحَقَّ ﴾ [الشورى : ٢٤] ويظهر الإسلام ويثبته ﴿ بِكَلِمَـاتِهِ ﴾ مما أنزل من كتابه على لسان نبيه عليه السلام وقد فعل الله ذلك فمحا باطلهم وأظهر الإسلام.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٤
﴿ إِنَّهُ عَلِيمُ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ [الانفال : ٤٣] أي عليم بما في صدرك وصدورهم فيجزي الأمر على حسب ذلك.
﴿ وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾ [الشورى : ٢٥] يقال : قبلت منه الشيء إذا أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي.
ويقال : قبلته عنه أي عزلته عنه وأبنته عنه.
والتوبة أن يرجع عن
١٥٥
القبيح والإخلال بالواجب بالندم عليهما والعزم على أن لا يعود، وإن كان لعبد فيه حق لم يكن بد من التفصي على طريقه.
وقال علي رضي الله عنه : هو اسم يقع على ستة معانٍ : على الماضي من الذنوب الندامة، ولتضييع الفرائض الإعادة ورد المظالم، وإذابة النفس في الطاعة كما ربيتها في المعصية، وإذاقة النفس مرارة الطاعة كما أذقناها حلاوة المعصية، والبكاء بدل كل ضحك ضحكته.
وعن السدي : هو صدق العزيمة على ترك الذنوب والإنابة بالقلب إلى علام الغيوب.
وعن غيره : هو أن لا يجد حلاوة الذنب في القلب عند ذكره.
وعن سهل : هو الانتقال من الأحوال المذمومة إلى الأحوال المحمودة.
وعن الجنيد : هو الإعراض عما دون الله ﴿ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّـاَاتِ ﴾ [الشورى : ٢٥] وهو ما دون الشرك، يعفو لمن يشاء بلا توبة ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى : ٢٥] بالتاء : كوفي غير أبي بكر أي من التوبة والمعصية ولا وقف عليه للعطف عليه واتصال المعنى :﴿ وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ﴾ [الشورى : ٢٦] أي إذا دعوه استجاب دعاءهم وأعطاهم ما طلبوه وزادهم على مطلوبهم.
واستجاب وأجاب بمعنى، والسين في مثله لتوكيد الفعل كقولك " تعظم " و " استعظم " والتقدير ويجيب الله الذين آمنوا.
وقيل : معناه ويستجيب للذين فحذف اللام.
منّ عليهم بأن يقبل توبتهم إذا تابوا ويعفو عن سيآتهم ويستجيب لهم إذا دعوه ويزيدهم على ما سألوه، وعن إبراهيم بن أدهم أنه قيل له : ما لنا ندعوه فلا نجاب؟ قال : لأنه دعاكم فلم تجيبوه ﴿ وَالْكَـافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ﴾ [الشورى : ٢٦] في الآخرة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٤


الصفحة التالية
Icon