﴿ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ ﴾ [الشورى : ٤٦] إلى النجاة ﴿ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم ﴾ [الشورى : ٤٧] أي أجيبوه إلى ما دعاكم إليه ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِىَ يَوْمٌ ﴾ [البقرة : ٢٥٤] أي يوم القيامة ﴿ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الروم : ٤٣] " من " يتصل بـ ﴿ لا مَرَدَّ ﴾ [الروم : ٤٣] أي لا يرده الله بعدما حكم به، أو بـ ﴿ يَأْتِىَ ﴾ أي من قبل أن يأتي من الله يوم لا يقدر أحد على رده ﴿ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَإٍ يَوْمَـاـاِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ ﴾ [الشورى : ٤٧] أي ليس لكم مخلص من العذاب ولا تقدرون أن تنكروا شيئاً مما اقترفتموه ودوّن في صحائف أعمالكم، والنكير الإنكار ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُوا ﴾ [فصلت : ١٣] عن الإيمان ﴿ فَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴾ [النساء : ٨٠] رقيباً ﴿ إِنْ عَلَيْكَ إِلا الْبَلَـاغُ ﴾ [الشورى : ٤٨] ما عليك إلا تبليغ الرسالة وقد فعلت ﴿ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا الانسَـانَ ﴾ [الشورى : ٤٨] المراد الجمع لا الواحد ﴿ مِنَّا رَحْمَةً ﴾ [هود : ٩] نعمة وسعة وأمناً وصحة ﴿ فَرِحَ بِهَا ﴾ [الشورى : ٤٨] بطر لأجلها ﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةُ ﴾ [الروم : ٣٦] بلاء كالمرض والفقر ونحوهما.
وتوحيد فرح باعتبار اللفظ والجمع في ﴿ وَإِن تُصِبْهُمْ ﴾ [النساء : ٧٨] باعتبار المعنى ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾ [الروم : ٣٦] بسبب معاصيهم ﴿ فَإِنَّ الانسَـانَ كَفُورٌ ﴾ [الشورى : ٤٨] ولم يقل فإنه كفور ليسجل على أن هذا الجنس موسوم بكفران النعم كما قال :﴿ إِنَّ الانسَـانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ﴾ [إبراهيم : ٣٤](إبراهيم : ٤٣).
والكفور البليغ الكفران.
والمعنى أنه يذكر البلاء وينسى النعم ويغمطها.
قيل : أريد به كفران النعمة.
وقيل : أريد به الكفر بالله تعالى.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٨
﴿ لِّلَّهِ مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَـاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ﴾ أي يقرنهم ﴿ ذُكْرَانًا وَإِنَـاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيمًا ﴾ [الشورى : ٥٠] لما ذكر إذاقة الإنسان الرحمة وإصابته بضدها، أتبع ذلك أن له تعالى الملك وأنه يقسم النعمة والبلاء كيف أراد ويهب لعباده من الأولاد ما يشاء، فيخص بعضاً
١٦٢
بالإناث، وبعضاً بالذكور، وبعضاً بالصنفين جميعاً، ويجعل البعض عقيماً.
والعقيم التي لا تلد وكذلك رجل عقيم إذا كان لا يولد له.
وقدم الإناث أولاً على الذكور لأن سياق الكلام أنه فاعل لما يشاؤه لا ما يشاؤه الإنسان، فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم والأهم واجب التقديم، وليلي الجنس الذي كانت العرب تعدّه بلاء ذكر البلاء.
ولما أخر الذكور وهم أحقاء بالتقديم تدارك تأخيرهم بتعريفهم لأن التعريف تنويه وتشهير، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير وعرّف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لمقتض آخر فقال ﴿ ذُكْرَانًا وَإِنَـاثًا ﴾ [الشورى : ٥٠].
وقيل : نزلت في الأنبياء عليهم السلام حيث وهب للوط وشعيب إناثاً، ولإبراهيم ذكوراً، ولمحمد صلى الله عليه وسلّم ذكوراً وإناثاً، وجعل يحيى وعيسى عليهما السلام عقيمين ﴿ إِنَّهُ عَلِيمُ ﴾ [الانفال : ٤٣] بكل شيء ﴿ قَدِيرٌ ﴾ قادر على كل شيء.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٥٨


الصفحة التالية
Icon