الزخرف : ٤] وإن القرآن مثبت عند الله في اللوح المحفوظ، دليله قوله :﴿ مَّحْفُوظ ﴾ (البروج : ٢٢).
وسمي أم الكتاب لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب منه تنقل وتستنسخ.
﴿ أُمِّ الْكِتَـابِ ﴾ [الرعد : ٣٩] بكسر الألف : علي وحمزة ﴿ لَعَلِىٌّ ﴾ خبر " إن " أي في أعلى طبقات البلاغة أو رفيع الشأن في الكتب لكونه معجزاً من بينها ﴿ حَكِيمٌ ﴾ ذو حكمة بالغة ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ ﴾ [الزخرف : ٥] أفننحي عنكم الذكر ونذوده عنكم على سبيل
١٦٥
المجاز من قولهم " ضرب الغرائب عن الحوض ".
والفاء للعطف على محذوف تقديره أنهملكم فنضرب عنكم الذكر إنكاراً لأن يكون الأمر على خلاف ما قدم من إنزاله الكتاب؟ وجعله قرآناً عربياً ليعقلوه وليعلموا بمواجبه ﴿ صَفْحًا ﴾ مصدر من صفح عنه إذا أعرض، منتصب على أنه مفعول له على معنى أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضاً عنكم.
ويجوز أن يكون مصدراً على خلاف الصدر لأنه يقال " ضربت عنه " أي أعرضت عنه كذا قاله الفراء ﴿ أَن كُنتُمْ ﴾ [يونس : ٨٤] لأن كنتم ﴿ أَن كُنتُمْ ﴾ [يونس : ٨٤] مدني وحمزة.
وهو من الشرط الذي يصدر عن المدل بصحة الأمر المتحقق لثبوته كما يقول الأجير : إن كنت عملت لك فوفني حقي وهو عالم بذلك ﴿ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ ﴾ [الزخرف : ٥] مفرطين في الجهالة مجاوزين الحد في الضلالة.
﴿ وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِى الاوَّلِينَ ﴾ [الزخرف : ٦] أي كثيراً من الرسل أرسلنا من تقدمك ﴿ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِىٍّ إِلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [الزخرف : ٧] هي حكاية حال ماضية مستمرة أي كانوا على ذلك وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلّم عن استهزاء قومه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٥
﴿ فَأَهْلَكْنَآ أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشًا ﴾ [الزخرف : ٨] تمييز، والضمير للمسرفين لأنه صرف الخطاب عنهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم يخبره عنهم ﴿ وَمَضَى مَثَلُ الاوَّلِينَ ﴾ [الزخرف : ٨] أي سلف في القرآن في غير موضع منه ذكر قصتهم وحالهم العجيبة التي حقها أن تسير مسير المثل، وهذا وعد لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ووعيد لهم.
﴿ وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم ﴾ [التوبة : ٦٥] أي المشركين ﴿ مَّنْ خَلَقَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ * الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الارْضَ مَهْدًا ﴾ كوفي وغيره مهاداً أي موضع قرار ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلا ﴾ [الزخرف : ١٠] طرقاً ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [البقرة : ٥٣] لكي تهتدوا في أسفاركم.
١٦٦
﴿ وَالَّذِى نَزَّلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءَ بِقَدَرٍ ﴾ [الزخرف : ١١] بمقدار يسلم معه العباد ويحتاج إليه البلاد ﴿ فَأَنشَرْنَا ﴾ فأحيينا عدول من المغايبة إلى الإخبار لعلم المخاطب بالمراد ﴿ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ﴾ [ق : ١١] يريد ميّتاً ﴿ كَذَالِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ [الزخرف : ١١] من قبوركم أحياء ﴿ تُخْرَجُونَ ﴾ حمزة وعلي ولا وقف على ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ لأن ﴿ الَّذِى ﴾ صفته، وقد وقف عليه أبو حاتم على تقدير " هو الذي "، لأن هذه الأوصاف ليست من مقول الكفار لأنهم ينكرون الإخراج من القبور فكيف يقولون ﴿ كَذَالِكَ تُخْرَجُونَ ﴾ [الزخرف : ١١] بل الآية حجة عليهم في إنكار البعث ﴿ وَالَّذِى خَلَقَ الازْوَاجَ ﴾ [الزخرف : ١٢] الأصناف ﴿ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالانْعَـامِ مَا تَرْكَبُونَ ﴾ [الزخرف : ١٢] أي تركبونه.
يقال : ركبوا في الفلك وركبوا الأنعام فغلب المتعدي بغير واسطة لقوته على المتعدي بواسطة فقيل تركبونه ﴿ لِتَسْتَوُا عَلَى ظُهُورِهِ ﴾ [الزخرف : ١٣] على ظهور ما تركبونه وهو الفلك والأنعام ﴿ ثُمَّ تَذْكُرُوا ﴾ [
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٥