الزخرف : ١٣] بقلوبكم ﴿ نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا ﴾ [الزخرف : ١٣] بألسنتكم ﴿ سُبْحَـانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـاذَا ﴾ [الزخرف : ١٣] ذلل لنا هذا المركوب ﴿ وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ ﴾ [الزخرف : ١٣] مطيقين.
يقال : أقرن الشيء إذا أطاقه وحقيقة أقرنه وجده قرينته لأن الصعب لا يكون قرينة للضعيف ﴿ وَإِنَّآ إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ﴾ [الزخرف : ١٤] لراجعون في المعاد.
قيل : يذكرون عند ركوبهم مراكب الدنيا آخر مركبهم منها وهو الجنازة.
وعن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه كان إذا وضع رجله في الركاب قال : بسم الله.
فإذا استوى على الدابة قال : الحمد لله على كل حال، ﴿ سُبْحَـانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـاذَا ﴾ [الزخرف : ١٣] إلى قوله ﴿ لَمُنقَلِبُونَ ﴾ وكبر ثلاثاً وهلل ثلاثاً.
وقالوا : إذا ركب في السفينة قال :﴿ بِسْمِ اللَّهِ مَجْاراـاهَا وَمُرْسَـاـاهَآ إِنَّ رَبِّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [هود : ٤١] (هود : ١٤)
١٦٧
وحكي أن قوماً ركبوا وقالوا ﴿ سُبْحَـانَ الَّذِى سَخَّرَ لَنَا هَـاذَا ﴾ [الزخرف : ١٣] الآية.
وفيهم رجل على ناقة لا تتحرك هزالاً فقال : إني مقرن لهذه فسقط منها لوثبتها واندقت عنقه.
وينبغي أن لا يكون ركوب العاقل للتنزه والتلذذ بل للاعتبار، ويتأمل عنده أنه هالك لا محالة ومنقلب إلى الله غير منفلت من قضائه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٥
﴿ وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبَادِهِ جُزْءًا ﴾ [الزخرف : ١٥] متصل بقوله ﴿ وَلَـاـاِن سَأَلْتَهُم ﴾ [التوبة : ٦٥] أي ولئن سألتهم عن خالق السماوات والأرض ليعترفن به وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزأ أي قالوا الملائكة بنات الله فجعلوهم جزأ له وبعضاً منه كما يكون الولد جزأ لوالده أبو بكر وحماد ﴿ جُزْءًا إِنَّ الانسَـانَ لَكَفُورٌ مُّبِينٌ ﴾ [الزخرف : ١٥] لجحود للنعمة ظاهر جحوده لأن نسبة الولد إليه كفر والكفر أصل الكفران كله ﴿ أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَـاكُم بِالْبَنِينَ ﴾ [الزخرف : ١٦] أي بل أتخذ والهمزة للإنكار تجهيلاً لهم وتعجيباً من شأنهم حيث ادعوا أنه اختار لنفسه المنزلة الأدنى ولهم الأعلى ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَـانِ مَثَلا ﴾ [الزخرف : ١٧] بالجنس الذي جعله له مثلاً أي شبهاً لأنه إذا جعل الملائكة جزءاً لله وبعضاً منه فقد جعله من جنسه ومماثلاً له لأن الولد لا يكون إلا من جنس الوالد ﴿ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ [النحل : ٥٨] يعني أنهم نسبوا إليه هذا الجنس، ومن حالهم أن أحدهم إذا قيل له قد ولدت لك بنت اغتم واربد وجهه غيظاً وتأسفاً وهو مملوء من الكرب والظلول بمعنى الصيرورة ﴿ أَوَمَن يُنَشَّؤُا فِى الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِى الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ ﴾ أي أو يجعل للرحمن من الولد من هذه الصفة المذمومة صفته وهو أنه ينشأ في الحلية أي يتربى في الزينة والنعمة، وهو إذا احتاج إلى مجاناة الخصوم ومجاراة الرجال كان غير مبين، ليس عنده بيان ولا يأتي ببرهان وذلك لضعف عقولهن.
قال مقاتل : لا تتكلم المرأة إلا وتأتي بالحجة عليها.
وفيه أنه جعل النشأة في الزينة من المعايب، فعلى الرجل أن يجتنب
١٦٨
ذلك ويتزين بلباس التقوى، و ﴿ مِّنْ ﴾ منصوب المحل والمعنى أو جعلوا من ينشأ في الحلية يعني البنات لله عز وجل ﴿ يُنَشَّؤُا ﴾ حمزة وعلي وحفص أي يربي قد جمعوا في كفرهم ثلاث كفرات، وذلك أنهم نسبوا إلى الله الولد، ونسبوا إليه أخس النوعين، وجعلوه من الملائكة المكرمين فاستخفوا بهم.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٦٥


الصفحة التالية
Icon