١٧٢
والمعارج جمع معرج وهي المصاعد إلى العلالي عليها يظهرون على المعارج يظهرون السطوح أي يعلونها ﴿ وَزُخْرُفًا وَإِن كُلُّ ذَالِكَ لَمَّا مَتَـاعُ الْحَيَاةِ ﴾ [الزخرف : ٣٥] " إن " نافية و " لما " بمعنى إلا أي وما كل ذلك إلا متاع الحياة الدنيا، وقد قرىء به.
وقرأ ﴿ لَمَّا ﴾ غير عاصم وحمزة على أن اللام هي الفارقة بين " إن " المخففة والنافية و " ما " صلة أي وإن كل ذلك متاع الحياة الدينا ﴿ وَالاخِرَةُ ﴾ أي ثواب الآخرة ﴿ عِندَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف : ٣٥] لمن يتقي الشرك.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٢
﴿ وَمَن يَعْشُ ﴾ [الزخرف : ٣٦] وقرىء ﴿ وَمَن يَعْشُ ﴾ [الزخرف : ٣٦] والفرق بينهما أنه إذا حصلت الآفة في بصره قيل عشى يعشى، وإذا نظر نظر العشي ولا آفة به قيل عشا يعشو.
ومعنى القراءة بالفتح ومن يعم ﴿ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ ﴾ [الزخرف : ٣٦] وهو القرآن كقوله ﴿ صُمُّ بُكْمٌ عُمْىٌ ﴾ [البقرة : ١٨] ومعنى القراءة بالضم : ومن يتعام عن ذكره أي يعرف أنه الحق وهو يتجاهل كقوله :﴿ وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ﴾ [النمل : ١٤] (النمل : ٤١) ﴿ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَـانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف : ٣٦] قال ابن عباس رضي الله عنهما : نسلطه عليه فهو معه في الدنيا والآخرة يحمله على المعاصي.
وفيه إشارة إلى أن من دوام عليه لم يقرنه الشيطان ﴿ وَإِنَّهُمْ ﴾ أي الشياطين ﴿ لَيَصُدُّونَهُمْ ﴾ ليمنعون العاشين ﴿ عَنِ السَّبِيلِ ﴾ [النمل : ٢٤] عن سبيل الهدى ﴿ وَيَحْسَبُونَ ﴾ أي العاشون ﴿ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف : ٣٠] وإنما جمع ضمير ﴿ مِّنْ ﴾ وضمير الشيطان لأن ﴿ مِّنْ ﴾ مبهم في جنس العاشي وقد قيض له شيطان مبهم في جنسه فجاز أن يرجع الضمير إليهما مجموعاً ﴿ حَتَّى إِذَا جَآءَنَا ﴾ [الزخرف : ٣٨] على الواحد : عراقي غير أبي بكر أي العاشي ﴿ جَآءَنَا ﴾ غيرهم أي العاشي وقرينه ﴿ قَالَ ﴾ لشيطانه ﴿ يَـالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ ﴾ [الزخرف : ٣٨] يريد المشرق والمغرب فغلب كما قيل : العمران والقمران، والمراد بعد المشرق من المغرب والمغرب من المشرق ﴿ فَبِئْسَ الْقَرِينُ ﴾ [الزخرف : ٣٨] أنت.
١٧٣
﴿ وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ ﴾ [الزخرف : ٣٩] إذ صح ظلمكم أي كفركم وتبين ولم يبق لكم ولا لأحد شبهة في أنكم كنتم ظالمين و " إذ " بدل من ﴿ الْيَوْمَ ﴾ ﴿ أَنَّكُمْ فِى الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴾ [الزخرف : ٣٩] ﴿ أَنَّكُمْ ﴾ في محل الرفع على الفاعلية أي ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب، أو كونكم مشتركين في العذاب كما كان عموم البلوى يطيب القلب في الدنيا كقول الخنساء :
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٢
ولولا كثرة الباكين حولي
على إخوانهم لقتلت نفسي
ولا يبكون مثل أخي ولكن
أعزي النفس عنه بالتأسي
أما هؤلاء فلا يؤسّيهم اشتراكهم ولا يروحهم لعظم ما هم فيه.
وقيل : الفاعل مضمر أي ولن ينفعكم هذا التمني أو الاعتذار لأنكم في العذاب مشتركون لاشتراككم في سببه وهو الكفر، ويؤيده قراءة من قرأ ﴿ أَنَّكُمْ ﴾ بالكسر.
﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ﴾ [الزخرف : ٤٠] أي من فقد سمع القبول ﴿ أَوْ تَهْدِى الْعُمْىَ ﴾ [الزخرف : ٤٠] أي من فقد البصر ﴿ وَمَن كَانَ فِى ضَلَـالٍ مُّبِينٍ ﴾ [الزخرف : ٤٠] ومن كان في علم الله أنه يموت على الضلال.
﴿ فَإِمَّا ﴾ دخلت " ما " على " إن " توكيداً للشرط، وكذا النون الثقيلة في ﴿ نَذْهَبَنَّ بِكَ ﴾ [الزخرف : ٤١] أي نتوفينك قبل أن ننصرك عليهم ونشفي صدور المؤمنين منهم ﴿ فَإِنَّا مِنْهُم مُّنتَقِمُونَ ﴾ [الزخرف : ٤١] أشد الانتقام في الآخرة ﴿ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِى وَعَدْنَـاهُمْ ﴾ [الزخرف : ٤٢] قبل أن نتوفاك يعني يوم بدر
١٧٤