﴿ فَإِنَّا عَلَيْهِم مُّقْتَدِرُونَ ﴾ [الزخرف : ٤٢] قادرون وصفهم بشدة الشكيمة في الكفر والضلال بقوله ﴿ أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ ﴾ [الزخرف : ٤٠] الآية.
ثم أوعدهم بعذاب الدنيا والآخرة بقوله ﴿ فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ﴾ [الزخرف : ٤١] الآيتين.
﴿ فَاسْتَمْسِكْ ﴾ فتمسك ﴿ بِالَّذِى أُوحِىَ إِلَيْكَ ﴾ [الزخرف : ٤٣] وهو القرآن واعمل به ﴿ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الزخرف : ٤٣] أي على الدين الذي لا عوج له ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ وإن الذي أوحي إليك ﴿ لَذِكْرٌ لَّكَ ﴾ [الزخرف : ٤٤] لشرف لك ﴿ وَلِقَوْمِكَ ﴾ ولأمتك ﴿ وَسَوْفَ تُسْـاَلُونَ ﴾ [الزخرف : ٤٤] عنه يوم القيامة وعن قيامكم بحقه وعن تعظيمكم له وعن شكركم هذه النعمة ﴿ وَسْـاَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَآ أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَـانِ ءَالِهَةً يُعْبَدُونَ ﴾ ليس المراد بسؤال الرسل حقيقة السؤال ولكنه مجاز عن النظر في أديانهم والفحص عن مللهم هل جاءت عبادة الأوثان قط في ملة من ملل الأنبياء، وكفاه نظراً وفحصاً نظره في كتاب الله المعجز المصدق لما بين يديه، وإخبار الله فيه بأنهم يعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطاناً، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها.
وقيل : إنه عليه السلام جمع له الأنبياء ليلة الإسراء فأمهم، وقيل له : سلهم فلم يشكك ولم يسأل.
وقيل : معناه سل أمم من أرسل وهم أهل الكتابين أي التوراة والإنجيل، وإنما يخبرونه عن كتب الرسل فإذا سألهم فكأنه سأل الأنبياء، ومعنى هذا السؤال التقرير لعبدة الأوثان أنهم على الباطل.
و ﴿ سَلْ ﴾ بلا همزة : مكي وعلي ﴿ رُّسُلِنَآ ﴾ أبو عمرو.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٢
ثم سلى رسوله صلى الله عليه وسلّم بقوله ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِئايَاتِنَآ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلايهِ فَقَالَ إِنِّى رَسُولُ رَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [الزخرف : ٤٦] ما أجابوه به عند قوله ﴿ إِنِّى رَسُولُ رَبِّ الْعَـالَمِينَ ﴾ [الزخرف : ٤٦] محذوف دل عليه قوله ﴿ فَلَمَّا جَآءَهُم بِـاَايَـاتِنَآ ﴾ [الزخرف : ٤٧] وهو مطالبتهم إياه بإحضار البينة على دعواه وإبراز الآية ﴿ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ ﴾ [الزخرف : ٤٧] يسخرون منها ويهزءون بها ويسمونها سحراً.
و " إذا " للمفاجأة وهو جواب " فلما " لأن فعل المفاجأة معها مقدر وهو عامل النصب في محل " إذا " كأنه قيل : فلما جاءهم بآياتنا فاجؤوا وقت ضحكهم.
١٧٥
﴿ وَمَا نُرِيهِم مِّنْ ءَايَةٍ إِلا هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ﴾ [الزخرف : ٤٨] قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها في نقض العادة، وظاهر النظم يدل على أن اللاحقة أعظم من السابقة وليس كذلك بل المراد بهذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر ولا يكدن يتفاوتن فيه وعليه كلام الناس.
يقال : هما أخوان كل واحد منهما أكرم من الآخر ﴿ وَأَخَذْنَـاهُم بِالْعَذَابِ ﴾ [الزخرف : ٤٨] وهو ما قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ أَخَذْنَآ ءَالَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ (الأعراف : ٣٣١) الآية.
﴿ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [آل عمران : ٧٢] عن الكفر إلى الإيمان ﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ﴾ كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لتعظيمهم علم السحر.
﴿ وَقَالُوا يَا أَيُّهَ السَّاحِرُ ﴾ بضم الهاء بلا ألف : شامي.
ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف فلما سقطت لالتقاء الساكنين اتبعت حركتها حركة ما قبلها ﴿ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ﴾ [الأعراف : ١٣٤] بعهده عندك من أن دعوتك مستجابة، أو بعهده عندك وهو النبوة، أو بما عهد عندك من كشف العذاب عمن اهتدى ﴿ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ ﴾ [الزخرف : ٤٩] مؤمنون به.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٢