﴿ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ ﴾ [الزخرف : ٥٠] ينقضون العهد بالإيمان ولا يفون به ﴿ وَنَادَى فِرْعَوْنُ ﴾ [الزخرف : ٥١] نادى بنفسه عظماء القبط أو أمر منادياً فنادى كقولك " قطع الأمير اللص " إذا أمر بقطعه ﴿ فِى قَوْمِهِ ﴾ [الزخرف : ٥١] جعلهم محلاً لندائه وموقعاً له ﴿ قَالَ يَـاقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَـاذِهِ الانْهَـارُ ﴾ [الزخرف : ٥١] أي أنهار النيل ومعظمها أربعة ﴿ تَجْرِى مِن تَحْتِى ﴾ [الزخرف : ٥١] من تحت قصري.
وقيل : بين يدي في جناني.
والواو عاطفة للأنهار على ﴿ مُلْكُ مِصْرَ ﴾ [الزخرف : ٥١] و ﴿ تَجْرِى ﴾ نصب على الحال منها، أو الواو للحال واسم الإشارة مبتدأ، والأنهار صفة لاسم الإشارة، و ﴿ تَجْرِى ﴾ خبر للمبدأ، وعن الرشيد أنه لما قرأها قال :
١٧٦
لأولينها أخس عبيدي فولاها الخصيب وكان خادمه على وضوئه، وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها فخرج إليها فلما شارفها قال : أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال ﴿ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ ﴾ [الزخرف : ٥١] والله لهي أقل عندي من أن أدخلها فثني عنانه ﴿ أَفَلا تُبْصِرُونَ ﴾ [القصص : ٧٢] قوتي وضعف موسى وغناي وفقره.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٢
﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ ﴾ [الزخرف : ٥٢] " أم " منقطعة بمعنى " بل " والهمزة كأنه قال : أثبت عندكم وأستقر أني أنا خير وهذه حالي؟ ﴿ مِّنْ هَـاذَا الَّذِى هُوَ مَهِينٌ ﴾ [الزخرف : ٥٢] ضعيف حقير ﴿ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف : ٥٢] الكلام لما كان به من الرتة ﴿ فَلَوْلا ﴾ فهلا ﴿ أُلْقِىَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ ﴾ [الزخرف : ٥٣] حفص ويعقوب وسهل جمع سوار، غيرهم جمع أسورة وأساوير جمع أسوار وهو السوار، حذف الياء من أساوير وعوض منها التاء ﴿ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ ﴾ [الزخرف : ٥٣] أراد بإلقاء الأسورة عليه إلقاء مقاليد الملك إليه لأنهم كانوا إذا أرادوا تسويد الرجل سوروه بسوار وطوقوه بطوق من ذهب ﴿ أَوْ جَآءَ مَعَهُ الْمَلَـائكَةُ مُقْتَرِنِينَ ﴾ يمشون معه يقترن بعضهم ببعض ليكونوا أعضاده وأنصاره وأعوانه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٧٧
ع ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ ﴾ [الزخرف : ٥٤] استفزهم بالقول واستنزلهم وعمل فيهم كلامه.
وقيل : طلب منهم الخفة في الطاعة وهي الإسراع ﴿ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَـاسِقِينَ ﴾ [الزخرف : ٥٤] خارجين عن دين الله ﴿ فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَـاهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [الزخرف : ٥٥] " آسف " منقول من أسف أسفاً إذا اشتد غضبه ومعناه أنهم أفرطوا في المعاصي فاستوجبوا أن يعجل لهم عذابنا وانتقامنا وأن لا نحلم عنهم
١٧٧
﴿ فَجَعَلْنَـاهُمْ سَلَفًا ﴾ [الزخرف : ٥٦] جمع سالف كخادم وخدم ﴿ سَلَفًا ﴾ حمزة وعلي، جمع سليف أي فريق قد سلف ﴿ وَمَثَلا ﴾ وحديثاً عجيب الشأن سائراً مسير المثل يضرب بهم الأمثال ويقال مثلكم مثل قوم فرعون ﴿ لِّلاخِرِينَ ﴾ لمن يجيء بعدهم، ومعناه فجعلناهم قدوة للآخرين من الكفار يقتدون بهم في استحقاق مثل عقابهم ونزوله بهم لإتيانهم بمثل أفعالهم ومثلاً يحدثون به.