جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٢
واعلم أن حكم الغضب الإلهي تكميل مرتبة قبضة الشمال فإنه وإن كان كلتا يديه المقدستين يميناف مباركة لكن حكم كل واحدة يخالف الأخرى فالأرض جميعاً قبضته والسموات مطويات بيمينه فلليد الواحدة المضاف إليها عموم السعداء الرحمة والحنان وللأخرى القهر والغضب ولوازمهما فسرحكم الغضب هو التكميل المشار إليه في الجمع بين حكم اليدين والوقاية ولصاحب الأكلة إذا ظهرت في عضو واحد وقدر أن يكون الطبيب والده أو صديقه أو شقيقه فإنه مع فرط محبته يبادر لقطع العضو المعتل لما لم يكن فيه قابلية الصلاح والسر الثالث التطهير كالذهب الممزوج بالرصاص والنحاس إذا قصد تمييزه لا بد وأن يجعل في النار الشديدة والضلال هو الحيرة فمنها ما هي مذمومة ومنها ما هي محمودة ولها ثلاث مراتب حيرة أهل اببدايات وحيرة المتوسطين من أهل الكشف والحجاب وحيرة أكابر المحققين وأول مزيل للحيرة الأولى تعين المطلب المرجح كرضى الله والتقرب إليه والشهود الذاتب ثم معرفة الطريق الموصل كملازمة شريعة الكمل ثم السبب المحصل كالمرشد ثم ما يمكن الاستعانة به في تحصيل الغرض من الذكر والفكر وغيرهما ثم معرفة العوائق وكيفية إزالتها كالنفس والشيطان فإذا تعينت هذه الأمور الخمسة حينئذٍ تزول هذه الحيرة وحيرة الأكابر محمودة لا تظنن أن هذه الحيرة سببها قصور في الإدراك ونفص مانع من كمال الجلاء هنا والاستجلاء لما هناك بل هذه حيرة يظهر حكمها بعد كمال التحقق بالمعرفة والشهود ومعاينة سر كل وجود والاطلاع التام على أحدية الوجود.
وفي تفسير النجم ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّآلِّينَ﴾ هم الذين أخطأهم ذلك النور فضلوا في تيه هوى النفس وتاهوا في ظلمات الطبع والتقليد فغضب الله عليهم مثل اليهود ولعنهم
٢٤


الصفحة التالية
Icon