تضعيفاً.
وحكمة أخرى في كونها خمس صلوات أنها كانت متفرقة في الأمم السالفة فجمعها سبحانه لنبيه وأمته لأنه عليه السلام مجمع الفضائل كلها دنيا وآخرة وأمته بين الأمم كذلك فأول من صلى الفجر آدم والظهر إبراهيم والعصر يونس والمغرب عيسى والعشاء موسى عليهم السلام فهذا سر القرار على خمس صلوات وقيل صلى آدم عليه السلام الصلوات الخمس كلها ثم تفرقت بعده بين الأنبياء عليهم السلام وأول من صلى الوتر رسول الله صلى الله عليه وسلّم ليلة المعراج لذلك قال :"زادني ربي صلاة" أي : الوتر على الخمس أو صلاة الليل فافهم.
وأول من بادر إلى السجود جبريل عليه السلام ولذلك صار رفيق الأنبياء وخادمهم وأول من قال : سبحان الله جبريل والحمدآدم ولا إله إلا الله نوح والله أكبر إبراهيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كل ذلك في "كشف الكنوز وحل الرموز".
وذكر في "الحكم الشاذلية وشرحها" : إنه لما علم الحق منه وجود الملل لون لك الطاعات لتستريح من نوع إلى نوع وعلم ما فيك من وجود الشره المؤدي إلى الملل القاطع عن بلوغ الأمل فحجرها عليك في الأوقات إذ جعل في اليوم خمساً وفي السنة شهراً وفي المائتين خمسة وفي العمر زورة ولكل واحدة في تفاصيلها وقت لا تصح في غيره كل ذلك رحمة بك وتيسيراً للعبودية عليك وقد قيد الله الطاعات بأعيان الأوقات كيلا ينفك عنها وجود التسويف ووسع الوقت عليك كي تبقى صفة الاختيار.
قال المولى جلال الدين قدس سره :
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩
كرنباشد فعل خلق اندرميان
س مكوكس رارا كردى نان
يك مثال أي : دل ي فرقي بيار
تابداني جبررا از اختيار
دست كان لرزان بود ازار تعاش
وانكه دستى را تولرزاني زجاش
هردوجنبش آفريده حق شناس
ليك نتوان كرد اين با آن قياس
وفي "التأويلات النجمية" بداية الصلاة إقامة ثم إدامة فإقامتها بالمحافظة عليها بمواقيتها وإتمام ركوعها وسجودها وحدودها ظاهراً وباطناً وإدامتها بدوام المراقبة وجمع الهمة في التعرض لنفحات ألطاف الربوبية التي هي مودعة فيها لقوله عليه السلام :"إنفي أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها" فصورة الصلاة صورة التعرض والآمر بها صورة جذبة الحق بأن يجذب صورتك عن الاستعمال لغير العبودية وسر الصلاة حقيقة التعرض ففي كل شرط من شرائط صورتها وركن من أركانها وسنة من سننها وأدب من آدابها وهيئة من هيئاتها سرّيشير إلى حقيقة التعرض لها، ومن شرائط الصلاة الوضوء ففي كل أدب وسنة وفرض منه سرّيشير إلى طهارة يستعد بها لإقامة الصلاة ففي غسل اليدين إشارة إلى تطهير نفسك عن تلوث المعاصي وتطهير قلبك عن تلطخ الصفات الذميمة الحيوانية والسبعية والشيطانية كما قال تعالى لحبيبه عليه السلام :﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ (المدثر : ٤) جاء في "التفسير" أي : قلبك فطهر وغسل الوجه إشارة إلى طهارة وجه همتك من دنس ظلمة حب الدنيا فإنه رأس كل خطيئة.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٢٩
ومن شرائط الصلاة استقبال القبلة وفيه إشارة إلى الإعراض عما سوى طلب الحق والتوجه إلى حضرة الربوبية لطلب القربة والمناجاة ورفع اليدين إشارة إلى رفع يد الهمة عن الدنيا والآخرة والتكبير
٣٦


الصفحة التالية
Icon