وفي تعريفات السيد : القلب لطيفة ربانية لها بهذا القلب الجسماني الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر تعلّق وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان : قال المولى الجامي :
نيست أين بيكر مخروطي دل
بلكه هست أين قفص طوطى دل
كرتو طوطى زقفس تشناسى
بخدا ناس نه نشناسى
والمراد بالقلب في الآية محل القوة العاقلة من الفؤاد وقد يطلق ويراد به المعرفة والعقل كما قال ﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَه قَلْبٌ﴾ ﴿و﴾ ختم الله ﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ أي : على آذانهم فجعلها بحيث تعاف استماع الحق ولا تصغى إلى خير ولا تعيه ولا تقبله كأنها مستوثق منها بالختم عقوبة لهم على سوء اختيارهم وميلهم إلى الباطل وإيثارهم.
والسمع هو إدراك القوة السامعة وقد يطلق عليها وعلى العضو الحامل لها وهو المراد ههنا لأنه أشد مناسبة للختم وهو المختوم عليه أصالة.
وفي توحيد السمع وجوه :
أحدها : أنه في الأصل مصدر والمصادر لا تجمع لصلاحيتها للواحد والاثنين والجماعة قال تعالى :﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا﴾ (الطارق : ١٥ ـ ١٦) فإن قالوا : فلم جمع الأبصار والواحد بصر وهو كالسمع؟ قلنا : إنه اسم للعين فكان اسماً لا مصدراً فجمع لذلك.
والثاني : أن فيه إضماراً أي : على مواضع سمعهم وحواسه كما في قوله تعالى :﴿وَسْـاَلِ الْقَرْيَةَ﴾ (يوسف : ٨٢) أي : أهلها وثبت هذا الإضمار دلالة أن السمع فعل ولا يختم على الفعل وإنما يختم على محله.
والثالث : أنه أراد سمع كل واحد منهم والإضافة إلى الجماعة تغني عن الجماعة وفي التوحيد أمن اللبس كما في قوله : كلوا في بعض بطنكم أي : بطونكم إذ البطن لا يشترك فيه.
والرابع : قول سيبويه أنه توسط جمعين فدل على الجمع وإن وحد كما في قوله :﴿يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ﴾ (البقرة : ٢٥٧) دل على الأنوار ذكر الظلمات وتقديم ختم قلوبهم للإيذان بأنها الأصل في عدم الإيمان وتقديم حال السمع على حال أبصارهم للاشتراك بينه وبين قلوبهم في تلك الحال.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٤٧
قالوا : السمع أفضل من البصر لأنه تعالى حيث ذكرهما قدم السمع على البصر ولأن السمع شرط النبوة ولذلك ما بعث الله تعالى رسولاً أصم ولأن السمع وسيلة إلى استكمال العقل بالمعارف التي تتلقف من أصحابها ﴿وَعَلَى أَبْصَـارِهِمْ﴾ جمع بصر وهو إدراك العين وقد يطلق مجازاً على
٤٨


الصفحة التالية
Icon