جزء : ١ رقم الصفحة : ١٠
﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ لما نبه على استحقاقه الذاتي بجميع المحامد بمقابلة الحمد باسم الذات أردفه بأسماء الصفات جمعاً بين الاستحقاقين وهو أي رب العالمين كالبرهان على استحقاقه جميع المحامد الذاتي والصفاتي الدنيوي والأخروي، والرب بمعنى التربية والإصلاح أما في حق العالمين فيربيهم بأغذيتهم وسائر أسباب بقاء وجودهم وفي حق الإنسان فيربي الظواهر بالنعمة وهي النفس ويربي البواطن بالرحمة وهي القلوب ويربي نفوس العابدين بأحكام الشريعة ويربي قلوب المشتاقين بآداب الطريقة ويربي أسرار المحبين بأنوار الحقيقة ويربي الإنسان تارة بأطواره وفيض قوي أنواره في أعضائه فسبحان من أسمع بعظم وبصر بشحم وأنطق بلحم وأخرى بترتيب غذائه في النبات بحبوبه وثماره وفي الحيوان بلحومه وشحومه وفي الأراضي بأشجاره وأنهاره وفي الأفلاك بكواكبه وأنواره وفي الزمان بسكونك وتسكين الحشرات والحركات المؤذية في الليالي وحفظك وتمكينك من ابتغاء فضله بالنهار فيا هذا يربيك كأنه ليس له عبد سواك وأنت لا تخدمه أو تخدمه كأن لك رباً غيره، والعالمين جمع عالم، والعالم : جمع لا واحد له من لفظه، قال وهبثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم منها وما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء، وقال الضحاك ثلاثمائة وستون ثلاثمائة منهم حفاة عراة لا يعرفون خالقهم وهم حشو جهنم وستون عالماً يلبسون الثياب مر بهم ذو القرنين وكلمهم، وقال كعب الأحبار : لا يحصى لقوله تعالى :﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ﴾ (المدثر : ٣١) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الله تعالى خلق الخلق أربعة أصناف : الملائكة، والشياطين، والجن، والإنس، ثم جعل هؤلاء عشرة أجزاء تسعة منهم الملائكة وواحد الثلاثة الباقية ثم جعل هذه الثلاثة عشرة أجزاء تسعة منه الشياطين وجزء واحد الجن والإنس ثم جعلهما عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن وواحد الإنس ثم جعل الإنس مائة وخمسة وعشرين جزءاً فجعل مائة جزء في بلاد الهند منهم : ساطوح : وهم أناس رؤوسهم مثل رؤوس الكلاب، ومالوخ : وهم أناس أعينهم على صدورهم، وماسوخ : وهم أناس آذانهم كآذان الفيلة، ومالوف : وهم أناس لا يطاوعهم أرجلهم يسمون دوالياي ومصير كلهم إلى النار وجعل اثني عشر جزءاً منهم في بلاد الروم النسطورية والملكانية والإسرائيلية كل من الثلاث أربع طوائف ومصيرهم إلى النار جميعاً وجعل ستة أجزاء منهم في المشرق : يأجوج، ومأجوج، وترك، وخاقان، وترك حدخلخ، وترك خزر، وترك جرجير، وجعل ستة أجزاء في المغرب : الزنج والزط والحبشة والنوبة وبربر وسائر كفار العرب ومصيرهم إلى النار وبقي من الإنس من أهل التوحيد جزء واحد فجزأهم ثلاثاً وسبعين فرقة اثنتان وسبعون على خطر وهم أهل البدع والضلالات وفرقة ناجية وهم أهل السنة والجماعة وحسابهم على الله تعالى يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وفي الحديث :"أن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين فرقة وتفرق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة" قالوا : من هي يا رسول الله؟ قال :"من هم على ما أنا عليه وأصحابي" يعني : ما أنا عليه وأصحابي من الاعتقاد والفعل والقول فهو حق وطريق موصل إلى الجنة والفوز والفلاح وما عداه باطل وطريق إلى النار إن كانوا إباحيين فهم خلود وإلا فلا.
جزء : ١ رقم الصفحة : ١٠
﴿الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ﴾ في التكرار وجوه، أحدها ما سبق
١٣