فلا غرو أن يرتاب والصحيح مسفر
وقيل : معناه شرف وفضل لقوله تعالى :﴿وَإِنَّه لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ﴾ وفيه إشارة إلى الإلهام فإنه ذكر لصاحبه ولمن اعتقده واقتدى به إذا الآثار باقية إلى يوم القيامة وقيل الضمير لرسول الله وكونه ذكراً وشرفاً للعالمين لا ريب فيه :
أي شرف جمله عالم بتو
روشنى ديده عالم بتو
وفيه إشارة إلى سادات أمته وأركان دينه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٠٠
تفسير سورة الحاقة
وآياتها إحدى وخمسون آية مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٢٩
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
الحاقة} هي منأسماء القيامة من حق يحق بالكسر إذا وجب وثبت لأنها يحق أي يجب مجيئها ويثبت وقوعها كما قال تعالى :[طه : ١٥-٢]﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا﴾ فالإسناد حقيقي وقال الراغب في المفردات لأنها يحق فيها الجزاء فالإسناد مجازذي كنهاره صائم ونحو ما الحاقة} الأصل ما هي أي أي شيء هي في حالها وصفتها فإن ما قد يطلب بها الصفة والحال فوضع الظاهر موضع المضمر
١٣٠
تأكيد الهو لها كما يقال زيد ما زيد على التعظيم لشأه فقوله الحاقة مبتدأ ما مبتدأ ثان وما بعده خبره والجملة خبر للمبتدأ الأول والرابط تكرير المبتدأ بلفظه هذا ما ذكروه في إعراب هذه الجملة ونظائرها ومقتضى التحقيق أن تكون ما الاستفهامية خبراً لما بعدها فإن مناط الفائدة بيان أن الحاقة أمر بديع وخطب فظيع كما يفيده كون ما خبرا لا بيان إن أمراً بديعاً الحاقة كما يديه كونها مبتدأ وكون الحاقة خبرا كذا في الإرشاد ﴿وَمَآ أَدْرَااكَ﴾ من الدراة بمعنى العلم يقال دراه ودرى به أي علم به من باب رمى وأدراه به أعلمه قال في تاج المصادر الدراية والدرية وادرى دانستن ويعدى بالباء وبنفسه قال سيبويه وبالباء أكثر قوله ما مبتدأ وأدراك خبره ولا مساغ ههنا لعكس والمعنى وأي شيء أعلمك يا محمد وبالفارسية وه يز دانا كردانيدترا ﴿مَا الْحَآقَّةُ﴾ جملة من مبتدأ وخبز في موضع المفعول الثاني لأدراك والجملة اكبيرة تأكيد لهول الساعة وفظاعتها ببيان خروجها عن دائرة علم المخلوقات على معنى إن أعظم شأنها ومدى هو لها وشدتها بحيث لا يكاد تبلغه دراية أحد ولا وهمه وكيفما قدرت حالها فهي أعظم من ذلك وأعظم فلا يتسنى الإعلام قال بعضهم إن النبي عليه السلام وإن كان عالماً بوقوعها ولكن لم يكن عالماً بكمال كيفيتها ويحتمل أن يقال له عليه السلام إسماعاً لغيره وفي التأويلات النجمية : يشير بالحاقة إلى التجلي الإحدى الإطلاقي في مراءة الواحدية المفني للكل كما قال لمن الملك اليوم ا الواحد القهار بقهر سطوات أنوار الأحدية جميع ظلمات التعينات الساترة إطلاق الذات المطلقة وسمى بالحاقة لثبوته في ذاته وتحققه في نفسه ﴿كَذَّبَتْ ثَمُودُ﴾ قوم صالح من الثمد وهو الماء القليل الذي لا مادة له ﴿وَعَادُ﴾ قوم هود وهي قبيلة أيضاً وتمنع كما في "القاموس"
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
﴿بِالْقَارِعَةِ﴾ من جملة أسماء الساعة أيضاً لأنها تقرع الناس أي تضرب بفنون الإفزاع والأهوال أي تصيبم بها كأنها تقرعهم بها والسماء بالانشقاق والانفطار والأرض والجبال، بالدك والنسف والنجوم بالطمس والانكدار ووضعت موضع ضمير الحاقة للدلالة على معنى القرع فيها زيادة في وصف شدتها فإن في القاعة ما ليس في الحاقة من الوصف يقال إصابتهم قوارع الدهر أي أهواله وشدائده قيل : منها قوارع القرآن للآيات التي تقرأ حين افزع من الجن والإنس لقرع قلوب المؤذين بذرك جلال الله والاستمداد من رحمته وحمايته مثل آية الكرسي ونحوها وفي الآية تخويف لأهل مكة من عاقبة تكذيبهم بالبعث والحشر ﴿فَأَمَّا ثَمُودُ﴾ وكانوا عرباً منازلهم بالحجر بين الشأن والحجاز يراها حجاج الشأن ذها باوا يابا ﴿فَأُهْلِكُوا﴾ أي أهلكهم الله لتكذيبهم فأخبر عن الفعل لأنه المراد دون الفاعل لأنه معلوم ﴿بِالطَّاغِيَةِ﴾ أي بالصيحة التي جاوزت عن حد سائر الصيحات في الشدة فرجفب منها الأرض والقلوب وتزلزلت فاندفع ما يرى من التعارض بين قوله تعالى :[الأعراف : ٩١-٦]﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ﴾ وبين قوله تعالى : فأخذتهم الصيحة والقصة واحدة وفي الآية إشارة إلى أهل العلم الظاهر المحجوبين عن العلوم الحقيقية فإنهم أهل العلم القليل كما إن ثمود أهل الماء القليل فلما كذبوا فناء أهل العلم الباطن من طريق السلوك أهلكهم الله بصاعقة نار البعد والاحتجاب فليس لهم صلاح في الباطن وإن كان لهم صلاح
١٣١


الصفحة التالية
Icon