في الظاهر وذلك لأنهم لم يتبعوا صالحاً من الصلحاء الحقيقين فبقوا في فساد النفس وأما عاد} وكانت منازلهم بالأحقاف وهي الرمل بين عمان إلى حضر موت واليمن وكانوا عرباً أيضاً ذوي بسطة في الخلق وكان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين وأوسطهم ما بين ذلك وكان رأس الرجل منهم كالقبة يفرخ في عينيه ومنخره السباع وتأخيره عن ثمود من تقدمهم زماناً من قبيل الترقي من الضال الشديد إلى الأضل الأشد ﴿فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ﴾ هي الدبور لقوله عليه السلام : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ﴿صَرْصَرٍ﴾ أي شديدة الصوت لها صرصرة في هبوبها وهي بالفارسية بانك كردن باز رغ وآنه بدان ماند.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
أو شديدة البرد تحرق ببردها النبات والحرث فإن الصر بالكسر شدة البرد ﴿عَاتِيَةٍ﴾ مجاوزة للحد في شدة العصن كأنها عتت على خزانها فلم يتمكنوا من ضبطها والرياح مسخرة لميكائيل تهب بإذنه وتنقطع بإذنه وله أعوان كأعوان ملك الموت (روى إنه ما يخرج من الريح شيء إلا بقدر معلوم ولما اشتد غضب الله على قوم عاد أصابتهم ريح خارجة عن ضبط الخزان ولذلك سميت عاتية أو المعنى عاتية على عاد فلم يقدر وأعلى ردها بحيلة من استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفا في حفرة فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم ﴿سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ﴾ التسخير سوق الشيء إلى الغرض المختص به قهراً والمسخر هو المقيض للفعل والمعنى سلط الله تلك الريح الموصوفة على قوم عاد بقدرته القاهرة كما شاء الظاهر أنه صفة أخرى ويقال استئناف لدفع ما يتوهم من كونها باتصالات فلكية مع أنه لو كان كذلك لكان بتسببيه وتقديره فلاي خرج من تسخيره تعالى ﴿سَبْعَ لَيَالٍ﴾ منصوب على الظرفية لقوله سرها أنث العدد لكون الليالي جمع ليلة وهي مؤنث فتبع مفرد موصوفة يقال ليل وليلة ولا يقال يوم ويومة وكذا نهارة وتجمع الليلة على الليالي بزيادة الياء على غير القياس فيحذف ياؤها حالة التنكير بالأعلال مثل الأهالي والأهال في جمع أهل الأحالة النصب نحو قوله تعالى :[سبأ : ١٨-٧]﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِىَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ﴾ لأنه غير منصرف والفتح خفيف وثمانية أيام} ذكر العدد لكون الأيام جمع يوم وهو مذكر ﴿حُسُومًا﴾ جمع حاسم كشهود جمع شاهد وهو حال من مفعول سخرها بمعنى حاسمات عبر عن الريح الصرصر بلفظ الجمع لتكثرها باعتبار وقوعها في تلك الليالي والأيام وقال بعضم صفة لما قبله.
(كما قال الكاشفي) : روزها وشبهاى متوالي.
والمعنى على الأول حال كون تلك الريح متتابعات ما خفق هبوبها في تلك المدة ساعة حتى أهلكتهم تمثيلاً لتتابعها يتتابع فعل الحاسم في إعادة الكي على داء الدابة مرة بعد أخرى حتى ينحسم وينقطع الدم كما قال في تاج المصادر الحسم بريدن ويوسته داغ كردن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
فهو من استعمال المقيد في المطلق إذا لخسم هو تتابع الكي أو نحسات حسمت كل خير واستأصلته أو قاطعات قطعت دابرهم والحاصل أن تلك اليراح فيها ثلاث حبثيات الأولى تتابع هبوبها والثانية كونها قاطعة لكل خير ومستأصلة لكل بركة أتت عليها والثالثة كونها قاطعة دابرهم فسميت حسوماً معنى حاسمات أما تشبيهاً لها بمن يحسم الداء في تتابع الفعل وأما لأن الحسم في اللغة القطع والاستئصال وسمى السيف حساماً لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عدواته وهي كانت أيام برد العجوز
١٣٢
من صبيحة الأربعاء لثمان بقين من شوال ويقال آخر أسبوع من شهر صفر إلى غروب الأربعاء الآخر وهو آخر الشهر وعن ابن عباس رضي الله عنه برفعه آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر وإنم سميت عجوزاً لأن عجوزاً من عاد تورات في سرب أي في بيت الأرض فانتزعتها الريح في اليوم الثامن فأهلكتها وقيل هي أيام العجز وهي آخر الشتاء ذات برد ورياح شديدة فمن نظر إلى الأول قال برد العجوز ومن نظر إلى الثاني قال برد العجز وفي روضة لأخبار رغبت عجوز إلى أولادها أن يزوجوها وكن لها سبعة بنين فقالوا إلى أن تصبري على البرد عارية لكل واحد منا للة فعلت فلما كلفت في السابعة ماتت فسميت تلك الأيام أيام العجوز وأسماء هذه الأيام الصن وهو بالكسر أول أيام العجوز كما في القاموس ولصنبر وهي الريح الباردة والثاني من أيام العجوز كما في "القاموس" والوبر وهو ثالث أيام العجوز والمعلل كمحدث وهو الرابع من أيامها ومطفىء الجمر وهو خامس أيام العجوز أو رابعها كما في "القاموس" وقيل : مكفىء الظعن أي مميلها وهو جمع ظعينة وهو الهودج فيه امرأة أم لا والآمر والمؤتمر قال في "القاموس" آمر ومؤتمر آخر أيام العجوز قال الشاعر :
كسع الشتاء بسبعة غبر
أيام شهلتنا من الشهر
فإذا انقضت أيام شهلتنا
بالصن والصنبر والوبر
وبآمر وأخيه مؤتمر
ومعلل وبمطفىء الجمر
ذهب الشتاء موليا هربا
وأتتك موقدة من الحر