أي قرى قوم لوط أي ألها لأنها عطفت على ما قبلها من فرعون ومن قبله يقال افكه عن الشيء أي قلبه وائتفكت البلدة بأهلها أي انقلبت والله تعالى قلب قرى قوم لوط عليهم فهي المنقلبات بالخسف وهي خمس قريات صعبه وصعده وعمره ودوما سدم وهي أعظم القرى ثم هذا من قبيل التخصيص بعد التعميم للتميم لأن قوم لوط أتوا بفاحشة ما سبقهم بها من أحد من العالمين ﴿بِالْخَاطِئَةِ﴾ الباء للملابسة والتعدية وهو الأظهر أي بالخطأ أو بالغفلة أو الأفعال ذات الخطأ العظيم التي من جملتها تكذيب البعث والقيام فالخاطئة على الأول مصدر كالعاقبة وعلى الأخيرين صفة لمحذوف والبناء للنسبة على التجريد والأظهر أنه من المجاز العقلي كشعر شاعر ﴿فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ﴾ أي فعصى كل أمة رسولهم حين نهاهم عما كانوا يتعاطونه من القبائح فالرسول هنا بمعنى الجمع لأن فعولاً وفيعلاً يستوي فيهما المذكر والمؤنث والواحد والجمع فهو من مقابلة الجمع بالجمع المستدعية لانقسام الآحاد على الأماد فالإضافة ليست للعهد بل للجنس ﴿فَأَخَذَهُمْ﴾ أي الله تعالى بالعقوبة أي كل قوم منهم ﴿أَخْذَةً رَّابِيَةً﴾ أي زائدة في الشدة على عقوبات سائر الكفار أو على القدر المعروف عند الناس لما زادت معاصيهم في القبح على معاصي سائر الكفرة أغرق من كذب نوحاً وهم كل أهل الأرض غير من ركب معه في السفينة وحمل مدائن لوط بعد أن نتقها من الأرض على متن الريح بواسطة من أمره بذلك من الملائكة ثم قلبها وأتبعها الجارة وخسف بها وغمرها بالماء المنتن الذي ليس في الأرض ما يشبهه واغرق فرعون وجنوده أيضاً في بحر القلزم أو في النيل وهكذا عقوب كل أمة عاصية بحسب أعمالهم القبيحة وجوزيت جزاء وفاقاً وفي كل ذلك تخويف لقريش وتحذير لهم عن التكذيب وفيه عبرة موقظة لأولى الألباب يقال : ربا الشيء يربو إذ زاد ومنه الربا الشرعي وهو الفضل الذي يأخذه آكل الربا آئدا على ما أعطاه
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
﴿إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَآءُ﴾ المعهود وقت الطوفان أي جاوز حده المعتاد تى ارتفع على كل شيء خمسمائة ذراع وقال بعضهم ارتفع على ارفع جبل في الدنيا خمسة عشر ذاعاً أو حده في المعاملة مع خزنة من الملائكة بحيث لم يقدروا على ضبطه وذلك الطغيان ومجاوزة الحد بسبب إصرار قوم نوح على فنون الكفر والمعاصي ومبالغتهم في تكذيبه فيما أوحى إليه من الأحكام التي جملتها أحوال القيامة فانتقم الله منهم بالإغراق ﴿حَمَلْنَـاكُمْ﴾ أيها الناس أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابكم فكأنكم محمولون بأشخاصكم وفيه تنبيه على المتة في الحمل لأن نجاة آبائهم سبب ولادتهم ﴿فِى الْجَارِيَةِ﴾ يعني في سفينة نوح لأن من شانها أن تجري على الماء والمراد بحملهم فيها رفعهم فوق الماء إلى انقضاء أيام الطوفان لا مجرد رفعهم إلى السفينة كما يعرف عنه كلمة في فانها ليست بصلة للحمل بل متعلقة بمحذوف هو حال من مفعوله أي رفعناكم فوق الماء وحفظناكم حال كونكم في السفيتة الجارية بأمرنا وحفظنا من غير غرق وخرق وفيه تنبيه على إن مدار نجاتهم محض عصمته تعالى وإنما السفينة سبب صوري أي لنجعل الفعلة التي هي عارة عن إنجاء المؤمنين وإغراق الكافرين ﴿لَكُمْ تَذْكِرَةً﴾ عبرة ودلالة على كمال قدرة الصانع وحكمته وقوة قهره وسعة رحمته
١٣٥
فضمير لنجعها إلى المفعلة والقصة بدلالة ما بعد الآية من الوعي.
(وقال الكاشفي) : نا كردانيم آن كشتى رابراي شماندى وعبرتي درنجات مؤمنان وهلاك كافران وفي كشف الأسرار تا آنرا يادكارى كنيم تاجهان بود.
وقد أدرك السفينة أوائل هذه الأمة وكان ألوحها على الجودي ﴿وَتَعِيَهَآ﴾ أي تحفظا وبالفارسية ونكاه دارداين ندرا.
والوعى أن تحفظ اعلم ووعيت الشيء في نفسك يقال وعيت ما قلته ومنه ما قال عليه السلام : لا خير في العيش إلا العالم ناطق ومستمع واع والإيعاء أن تحفظه في غير نفسك من وعاء يقال أوعيت المتاع في الوعاء منه ما قال عليه السلام : لا سماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما لا توعى فيوعى الله عليك أرضخي ما استطعت وقال الشاعر :
الخير يبقى وإن طال الزمان به
والشر أخبث ما أوعيت من زاد
﴿أُذُنٌ وَاعِيَةٌ﴾ أي أذن من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه بتذكره والتفكر فيه ولا تضيعه بترك العمل به يقال الوعي فعل القلب ولكن الآذان تؤدي الحديث إلى القلوب الواعية فنعتت الآذن بنعت القلوب (وفي البستان) :
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
وكرنيستى سعى جاسوس كوش
خبركي رسيدي بسلطان هوش