والتنكير والتوحيد حيث لم يقل الآذان الواعية للدلالة على قلتها وإن من هذا شانه مع قلته يتسبب لنجاة الجم الغفير وإدامة نسلهم يعني إن من وعي هذه القصة إنما يعيها ويحفظها لأجل أن يذكرها للناس ويرغبهم في الإيمان المنجى ويحذرهم عن الكفر المردي فيكون سبباً للنجاة والإدامة المذكورتين قال في الكشاف الاذن الواحدة إذا وعت وعقلت عن الله فهي السواد الأعظم عند الله وإن ما سواها لا وإن ملأوا ما بين الخافقين وفي الحديث :"فلح من جعل الله له قلباً واعياً" وعن النبي عليه السلام إنه قال لعلي رضي الله عنه نزول هذه الآية سألت الله أن يجعلها إذنك يا علي قال فما نسيت شيئاً بعد وما كان لي أن أنسى إذ هو الحافظ للأسرار الإلهية وقد قال ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة وفي رواية أخذ بأذن علي بن أبي طالب وقال هي هذه ذكره النقاش :
كره ناصح را بود صدداعيه
ندار أذنى ببايد واعيه
كرنبودي كوشهاي غيب كير
وحى ناوردي زكردون يك بشير
قال بعضهم : تلك آذان اسمها الله في الأزل خطابه فهي واعية تعى من الحق كل خطاب وعن أبي هريرة إنه قيل على إنك تكثر رواية الحايث وغيرك لا بروى مثلك فقلت إن المهاجرين والأنصار كان شغلهم عمل أمولهم وكنت أمر مسكيناً ألزم رسول الله وأقنع بقوتي وقال عليه السلام، يوماً من آل أيام إنه لن يبسط د ثوبه حتى أقضى مقالتي ثم يجمع إليه ثوبه الأوعى ما أقول فبسطت نمرة على حتى إذا قضى مقالته جمعتها إلى صدري فما نسيت من مقالته عليه السلام شيئاً وفيه إشارة إلى تأثير حسن المقال وفائدته وإلا لكان دعاؤه عليه السلام كافياً في وعيه كما وقع لأمير المؤمنين رضي الله عنه ﴿فَإِذَا نُفِخَ فِى الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ﴾ شروع في بيان نفس الحاقة وكيفية وقوعها
١٣٦
أثر بيان عظم شأنها بإهلاك مكذبيها وانفخ إرسال الريح من الفم وبالفارسية دميدن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
والصور قرن من نور أوسع من السموات ينفخ فيه إسرافيل بأمر الله فيحدث صوت عظيم فإذا سمع الناس ذلك الصوت يصيحون ثم يموتون إلا من شاء والمصدر المبهم هو الذي يكون لمجرد التأكيد وإن كان لا يقام مقام الفاعل فلايقال ضرب ضرب إذ لا يفيد أمراز آئدا على مدلول الفعل إلا نه حسن إسناد الفعل في الآية إلى المصدر وهو النفخة لكونها نفخاً مقيداً بالوحدة والمرة لا نفخاً مجرداً مبهماً والمراد بها ههنا النفخة الأولى التي لا يبقى عندها حيوان الأمات ويكون عندها خراب العالم لما دل عليه الحمل والدك الآتيان وفي الكشاف فإن قلت هما نفختان فلم قيل واحدة قلت معناه أنها لا تثنى في وقتها انتهى.
يعني إن حدوث الأمر العظيم بالنفخة وعلى عقبها إنما استعظم من حيث وقوع النفخ مرة واحدة لا من حيث إنه نفخ فنبه على ذلك بقوله واحدة وفي كشف الأسرار ذكر الواحدة للتأكيد لأن النفخة لا تكون إلا واحدة ﴿وَحُمِلَتِ الارْضُ وَالْجِبَالُ﴾ أي قامت ورفعت من أماكنها بمجرد القدرة الإلهية أو بتوسط الزلزلة والريح العاصفة فإن الريح من قوة عصفها تحمل الأرض والجبال كما حملت أرض وجود قوم عاد وجبال جمالهم مع هوادجها ﴿فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً﴾ أي فضربت الجملتان جملة الأرضين وجملة الجبال أثر رفعها بعضها ببعض ضربة واحدة بلا احتياج إلى تكرار الضرب وتثنية الدق حتى تندق وترجع كثيباً مهيلاً وهباء منبثاً وإلا فالظاهر فدككن دكة واحدة لإسناد الفعل إلى الأرض والجبال وهي أمور متعددة ونظيره قوله تعالى إن السموات والأرض كانتا رتقا حيث لم يقل كن والدك أبلغ من الدق وفي الصحاح الدك الدق وقد دكه إذا ضربه وكسره حتى سواء بالأرض وبابه رد وفي المفردات الدك الأرض اللينة السهلة ودكت الجبال دكا أي جعلت بنمزلة الأرض اللينة ومنه الدكان ﴿فَيَوْمَـاـاِذٍ﴾ أي فحينئذٍ وهو منصوب بقوله ﴿وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ هي من أسما القيامة بالغلبة لتحقق وقوعها وبهذا الاعتبار أسند إليه وقعت أي إذا كان الأمر كذلك قامت القيامة التي توعدون بها أو نزلت النازلة العظيمة التي هي صيحة القايمة وهو جواب لقوله فإذا نفخ في الصور ويومئذٍ بدل من إذا كرر لطول لكلام والعامل فيهما وقعت ﴿وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ﴾ وآسمان برشكافت از طرف مجره.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠