يعني انفرجت لنزول الملائكة لأمر عظيم أراده الله كما قال يوم تشقق السماء بالعمام ونزل الملائكة تنزيلاً أو بسبب شدة ذلك اليوم وهو معطوف على وقعت ﴿فَهِىَ﴾ أي السماء ﴿يَوْمَـاـاِذٍ﴾ ظرف لقوله ﴿وَاهِيَةٌ﴾ ضعيفة مسترخية ساقطة القوة جداً كالغزل المنقوض بعدما كانت محكمة مستمسكة وإن كانت قابلة للخرق والالتئام يقال وهي البناء يهي وهيافهو واه إذا ضعف جداً قال في "القاموس" وهي كوعى وولى تخرق وانشق واسترخى رباطه وفي المفردات الوهى شق في الأديم والثوب ونحوهما ﴿وَالْمَلَكُ﴾ أي اللخق المعروف بالملك وهو أعم من الملائكة ألا ترى إلى قولك ما من ملك إلا وهو شاهد أعم من قولك ما من ملائكة ﴿عَلَى أَرْجَآاـاِهَا﴾ أي جوانب السماء جمع رجى بالقصر وهي جملة حالية ويحتمل أن تعطف على ما قبلها كذا قالوا والمعنى تنشق السماء التي هي مساكنهم فيلجؤون إلى أكنافها
١٣٧
وحافلتها قالوا وقوفهم لحظة على أرجائها وموتهم بعدها فإن لملائكة يموتون عند النفخة الأولى لا ينافي التعقيب المدلول عليه بالفاء وقد يقال إنهم هم المستثنون بقوله إلا من شاء الله أي ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا الملائكة ونحوهم قال المولى الفناري في تفسير الفاتحة فإذا وهت السماء نزلت ملائكتها على أرجائها فيرون أهل الأرض خلقاً عظيماً أضعاف ما هم عليه عدد أفيتخيلون إن الله نزل فيهم لما يرون من عظم الملائكة مما لم يشاهدوه من قبل فيقولون أفيكم ربنا فيقول لملائكة سبحان هربنا ليس فينا وهو آت فيصطف الملائكة صفا مستديراً على نواحي الأرض محيطين بعالمي الإنس والجن وهؤلاء هم عمار السماء الدنيا ثم ينزل أهل السماء الثانية بعدما يقبضها الله أيضاً ويرمي بكوكبها في النار وهو المسمى كاتباً وهم أكثر عدداً من أهل السماء الدنيا فيقول الخلائق أفيكم ربنا فيفزع الملائكة فيقولون سبحان ربنا ليس هو فينا وهو آت فيفعلون فعل الأولين من الملائكة يصطفون خلفهم صفا ثانياً مستديراً ثم ينزل أهل السماء الثالثة ويرمي بكوكبها المسمى زهرة في النار فيقبضها الله بيمينه فيقول الخلائق أفيكم ربنا فتقول الملائكة سبحان دبنا ليس هو فينا وهو آت فلا يزال الأمر هكذا سماء بعد سماء حتى ينزل أهل السماء السابعة فيرون خلقاً أكثر من جميع من نزل فيقول الخلائق يكم ربنا فيقول الملائكة سبحان ربنا قد جاء ربنا وإن كان وعد ربنا لمفعولاً فيأتي الله في ظلل من الغام والملائكة على المجنبة اليسرى منهم ويكون إتيانه إتيان الملك فإنه يقول ملك يوم الدين وهو ذلك اليوم فسم بالملك ويصطف الملائكة عليه سبعة صفوف محيطة بالخلائق فإذا أبصر الخلائق جهنم لها فوران وتغيظ على الجبابرة المتبكرين يفرون بأجمعهم منها لعظم ما يرونه خوفاً وفزعاً وهو الفزع الأكبر إلا الطائفة التي لا يحزنهم الفزع الأكبر فتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون فهم الآمنون مع النبيين على أنفسهم غير أن النبيين يفزعون على أممهم للشفقة التي جبلهم الله عليها للخلق فيقولون في ذلك سلم سلم وكان قد أمر أن ينصب للآمنين من خلقه منابر من نور متفاضلة بحسب منازلهم في الموقف فيجلسون عليها آمنين مبشرين وذلك قبل مجيء الب تعالى فإذا فر الناس خوفاً من جهنم يجدون الملائكة صفوفاً لا يتجاوزونهم فتطردهم الملائكة وزعة الملك الحق سبحانه وتعالى إلى الحشر فيناديهم أنبياؤهم ارجعوا ارجعوا أو ينادي بعضهم بعضاً فهو قول الله تعالى فيما يقول رسول الله عليه السلام إني أخاف عليكم يوم التناد يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
يقول الفقير : دل هذا البيان على أن المراد بالوهي سقوط السماء على الأرض اتي تسمى بالساهرة وإن نزول الملائكة على أرجاء السماء لا يكون يوم يقوم الناس من قبورهم بالنفخة الثانية وإن ذكر في أثاء النفخة الأولى كما دل عليه ما بعد الآية من حمل العرش والأرض اللذين إنما يكونان بعد النفخة الثانية وإن معنى نزولهم طرد الخلق ونحوه كما قال تعالى لا تنفذون إلا بسلطان أي لا تقصدون مهرباً إلا وهناك لي أعوان ولي به سلطان ﴿وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ﴾ وهو اللك التاسع وهو جسم عظيم لايعلم عظمة إلا الله تعالى لأنه في الآفاق بمنزلة القلب في الأنفس والقلب أوسع شيء لما وسع الله
١٣٨


الصفحة التالية
Icon