قال الراغب الظن اسم لم ايحصل من أمارة ومتى قويت أدت إلى العلم ومتى ضعفت جداً لم تتجاوز حد التوهم انتهى.
ومنه يعلم قول من قال سمى اليقين ظناً لأن الظن يلد اليقين انتهى.
وإنما فسر الظن بالعلم لأن البعث والحساب مما يجب بهما الإيمان ولا إيمان بدون اليقين قال سعدى المفتي وفيه بحث فإيمان القلد ذو اعتبار وصرحوا بأ الظن الغالب الذي لا يخطر معه احتمال النقيص يكفي في الإيمان ثم إنه يجوز أن يكون المراد ما حصل له من حسابه اليسير ولا يقين به لوجوب أن يكون المؤمن بين الخوف والرجاء والمراد إني ظننت إني ملاق حسابي على الشدة والمناقشة لما سلف مني من الهفوات والآن أزال الله عني ذلك وفرج همي انتهى.
يقول الفقير : هذا عدول عما عليه ظاهر القرآن فإن الظن في مواضع كثيرة منه بمعنى اليقين كما في قوله تعالى حكاية قال الذين يظنون إنهم ملاقوا الله وهم المؤمنون بالآخرة وفي قوله
١٤١
تعالى وظن داود إنما فتناه أي علم وأيقن بلعلامة القوية قال القاضي ولعل التعبير عن العلم بالظن للإشعار بأنه لا يقدح في الاعتقاد وما يهجس في النفس من الخطرات التي لا تنفك عنها العلوم النظرية غالباً يعني أن الظن استعير للعلم الاستدلالي لأنه لا يخلو عن الخطرات والوساوس عند الذهول عما قاد إليه من الدليل للإشعار المذكور وإما العلوم الضرورية والكشفية فعارية عن الاضطراب وفي الكشاف وإنما أجرى الظن مجرى العلم لأن الظن الغالب يقام قمام العلم في العادات والأحكام ويقال أظن ظناً كاليقين إن الأمر كيت وكيت ﴿فَهُوَ﴾ أي من لأتى كتابه بيمينه ﴿فِى عِيشَةٍ﴾ نوع من العيش وهو بالفتح وكذا العيشة والمعاش والمعيش والعيشوشة بالفارسية زيستن.
قال بعض العلماء إذا كسر العين من العيش، يلزمه التاء كما في عيشة والعيش الحياة المختصة بالحيوان وهو أخص من الحياة لأن الحياة تقال في الحيوان وفي البازي وفي الملك ويتشق منه المعيشة لما يتعيش منه قال عليه السلام، لا عيش إلا عيش الآخرة ﴿رَّاضِيَةٍ﴾ ذات رضى يرضاها من يعيش فيها على النسبة بالصيغة فإن النسبة نسبتان نسبة بالحرف كمكي ومدني وتسبة بالصيغة كلا بن وتامر بمعنى ذي لبن وذي تمر ويجوز أن يجعل الفعل لها وهو لصاحبها فيكون من قبيل الإسناد المجازي ومآل الوجهين كون العيشة مرضية وإلى ما ذكرنا يرجع قول من قال راضية في نفسها فكأنها لرغادتها قد رضيت بما هي فيه مجازاً أو بمعنى مرضية كماء دافق أي مدفوق انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
وفي التأويلات النجمية راضية هنيئة مريئة صافية عن شوائب الكدر طائرة عن نوائب الحذر وبالفارسية در زندكاني باشد سنديده صافي از كدورت ومقرون بحرمت وحشمت.
وذلك أي كون العيشة مرضية لاشتمالها على أمور ثلاثة الأول كونها منفعة صافية عن الشوائب والثاني كونهاد آئمة لا يترقب زوالها وانقطاعها والثالث كونها بحيث يقصد بها تعظيم من رضى بها وا كرامه وإلا يكون استهزاء واستدراجاً وعيشة من أعطى كتابه بيمينه جامعة لهذه الأمور فتكون مرضياً بها كمال الرض قال ابن عباس رضي الله عنهما يعيشون فلا يموتون ويصحون فلا يمرضون وينعمون فلا يرون بؤساً أبداً ﴿فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ﴾ مرتفعة المكان لأنها في السماء كما أن المنار سافلة لأنها تحت الأرض أو الدرجات أو الأبنية والأشجار فيكون عالية من الصفات الجارية على غير من هي له وهو بدل من عيشة يا عادة الجار ويجوز كونه متعلقاً بعيشة راضية أي يعيش عيشاً مرضياً في جنة عالية ﴿قُطُوفُهَا﴾ ثمراتها جمع قطف بالكسر وهو ما يقطف ويجتنى بسرعة والقطف بالفتح مصدر قال سعدى المفتي اعتبار السرعة في مفهوم القطف محل كلام قال ابن الشيخ معنى اسرعة قطع الكل بمرة وفي "القاموس" القطف بالكسر العنقود واسم للثمار المقطوفة انتهى.
فلا حاجة إلى أن يقال غلب هنا في جميع ما يجتبى من الثمر عنباً كان أو غيره ﴿دَانِيَةٌ﴾ من الدنو وهو القرب أي قريبة من مريدها.
يعني خوشه هاي آن ازدست يننده نزديك.
ينالها القائم والقاعد والمضطجع من غير تعب وقيل لا يتأخر إدراكها انتهى.
وإذا أراد
١٤٢
أن تدنو إلى فيه دنت بخلاف ثمار الدنيا فإن في قطفها وتحصيلها تعباً ومشقة غالباً وكذا لا تؤكل إلا بمزاولة اليد.