الحض التحريك كالحث إلا أن الحث يكون بسير وسوق والحض لا يكون بذلك وأصله من الحث على الحضيض وهو قار الأرض والمعنى ولا يحث أهله وغيرهم على إعطاء طعام يطعم به الفقير فضلاً عن أن يعطي ويبذل من ماله على أن يكون المراد من الطعام العين فاضمر ثمل إعطاء أو بذل لأن الحث والتحريض لا يتعلق بالأعيان بل بالأحداث وأضيف الطعام إلى المسكين من حيث إن له آلية نسبة أو المعنى ولا يحثهم على إطعامه على أن يكون اسماً وضع موضع الإطام كما يوضع العطاء موضع الإعطاء فالإضافة إلى المفعول وذكر الحض دون الفعل ليعلم إن تارك الحض بهذه المنزلة فيكف بتارك الفعل يعني يكون ترك الفعل أشد من أن يكون سبب المؤاخذة الشديدة وجعل حرمان المسكين قرينة للكفر حيث عطفه عليه للدلالة على عظم الجرم ولذلك قال عليه السلام البخل كفر والكافر في النار فتخصيص الأمرين بالذكر لما إن أقبح العقائد الكفر واشنع الرذائل البخل والعطف للدلالة على أن حرمان المسكين صفة الكفرة كما في قوله تعالى :﴿وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَواةَ﴾ فلا يلزم أن يكون الكفار مخاطبين به بالفروع وفي عين المعاني وبه تعلق الشافعي في خطاب الكفار بالشرائع ولاي صح عندنا لأن توجيه الخطاب بالأمر ولا أمر ههنا على أنه ذكر الإيمان مقدماً وبه نقول انتهى.
وقال ابن الشيخ فيه دليل على تكليف الكفار بالفروع على معنى إنهم يعاقبون على ترك الامتثال بها كعدم إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والانتهاء عن الفواحش والمنكرات لا على معنى إنهم يطالبون بها حال كفرهم فإنهم غير مكلفين بالفروع بهذا المعنى لاعدام أهلية الآداء فيهم لأن مدار أهلية الآداء هو استحقاق الثواب بالأداء ولا ثواب لأعمال الكفار وأهلية الوجوب لا تستلزم أهلية الأداء كما تقرر في الأصول انتهى.
والحاصل إن الكفار مخاطبون بالفروع في حق المؤاخذة لا غير وعن أبي الدرداء رضي الله عنه إنه كان يحض امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين وكان يقول خلعنا نصف السلسلة بالإيمان أفلا نخلع نصفها الآخر بالإطعام والحض عليه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
جوى بازدارد بلاي درشت
عصايىء شنيدي كه عوجي بكشت
كسى نيك بيند بهردو سراى
كه نيكى رساند بخلق خداي
فليس له اليوم} وهو يوم القيامة ﴿هَـاهُنَآ﴾ أي في هذا المكان وهو مكان الأخذ والغل ﴿حَمِيمٍ﴾ أي قريب نسباً أو وداً يحميه ويدفع عنه ويحزن عليه لأن أولياه يتحامونه ويفرون منه كقوله ولا يسأل حميم حميماً وقال في "عين المعاني" قريب يحترق له قلبه من حميم الماء وقال القاشاني : لاستيحاشه من نفسه فكيف لا يستوحش غيرعه منه وهو من تتمة ما يقال للزبانية في حقه إعلاماً بأنه محروم من الرحمة وحثالهم على بطشه ﴿وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ قال في "القاموس" الغسلين بالكسر ما يغسل من الثوب ونحوه كالغسالة وما يسيل من جلود أهل النار والشديد الحر وشجر في النار انتهى.
والمعنى ولا طعام إلا من غسالة أهل النار وما يسيل من أبدانهم من الصديد والدم بعصر قوة الحرارة النارية وبالفارية زردابه وريمى كه ازتنهاى ايشان ميرود.
(روى) إنه لو وقعت قطرة منه على الأرض لأفسدت على الناس معايشهم
١٤٧
يقال للنار دركات ولكل دركة نوع طعام وشراب وسيجيىء وجه التلفيق بينه وبين قوله ليس لهم طعام إلا من ضريع في الغاشية وهو فعلين من الغسل فالياء والنون زائدتان وفي الكواشي أو نونه غير زائدة وهو شجر في النار وهو منأخبث طعامهم والظاهر أن الاستثناء متصل إن جعل الطعام شاملاً للشراب كما في قوله تعالى :﴿وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّه مِنِّى إِلا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةَا بِيَدِه فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلا قَلِيلا﴾ صفة غسلين والتعبير بالأكل باعتبار ذكر الطعام أي لا يأكل ذلك الغسلين إلا الآثمون أصحاب الخطايا وهم المشركون كما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما وقد جوز أن يراد بهم الذين يتخطون الحق إلى الباطل ويتعدون حدود الله من خطىء الرجل من باب علم إذا تعمد الخطأ أي الذنب فالخاطىء هو الذي يفعل ضد الصواب متعمداً لذلك والمخطىء هو الذي يفعله غير متعمد أي يريد الصواب فيصير إلى غيره من غير قصد كما يقال المجتهد قد يخطىء وقد يصيب وفي عين المعاني الخاطئون طريق التوحيد.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠