وروى) إن للقيامة خمسين موقفاً يسأل العبد في كل منها عن أمر من أمور الدين فإن لم يقدر على الجواب وقف في كل موقف بمقدار اليوم الإلهي الذي هو ألف سنة ثم لا ينتهي اليوم إلى ليل أي يكون وقت أهل الجنة كالنهار أبداً ويكون زمان أهل النار كالليل أبداً إذ كما لا ظلمة لأهل لنور كذلك لا نور لأهل الظمة وفيه تذكير للعاقل على أن يوم القيامة إذا كان أوله مقار خمسين ألف سنة فماذا آخره ثم هذا الطول في حق لكافر والعاصي لا المؤمن والمطيع لما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه إنه قيل لرسول الله عليه السلام ما أطول هذا اليوم فقال عليه السلام والذي نفسي بيده إنه ليخف على المؤمن حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا وفي التمثيل بالصلاة إشارة إلى وجه آخر لمسر المعدد وهو أن الكافر أضاع الصلاة وهي في الأصل خمسون صلاة فكأنه عذب بكل واحدة منها ألف سنة، ولهذا المسر يكلف يوم القيامة بالسجود لا بغيره ولا يلزم من وجود هذا اليوم بهذا المطول ومن عروج الملائكة في أثنائه إلى العرش أنيكون ما بين أسفل المعالم وأعلى سرادقات العرش مسيرة خمسين ألف سنة لأن المراد بيان طول اليوم عروج الملائكة ونزولهم في مثل هذا اليوم إلى العرش ومنه لتلقى أمره وتبليغه إلى محله مراراً وكراراً لا بيان طول المعارج لأن ما بين مركز الأر ومقعر السماء مسيرة خمسمائة عام وتخن كل واحدة من السموات السبع كذلك فيكون المجمو تسعة آلاف إلى العرش أي بالمنظر الظاهري وإلا فهي أزيد من ذلك بل من كل عدد متصور كما ستجيء الإشارة إليه وقو من قال جعل ما بين الكرسي والعرش كما بين غيرهما غير موجه لما في الحديث الصحيح إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فيكون بين الكرس الذي هو صحن الجنة وبين العرش الذي هو سقف الجنة خمسمائة سنة مائة مرة أولها من أرض الكرسي إلى الدرجة السافلة
١٥٦
من العرش فيكون المجموع مقدار خمسين ألف سنة تأمل تعرف إن كلامه ليس بصحيح من وجوه الأول إن المراد في هذا المقام بيان الطول من أسفل العالم إلى أعلاه وإنه مقدار خمسين ألف سنة لا من صحن الجنة إلى سقفها لأنه عل ما ذكره من المسافة بين العرشين يزيد لعى ذلك المقدار وبالنظر إلى أسفل العالم زيادة بينة في حصل القمصود والثاني أن المراد النبي عليه السلام، من التمثيل بما بين السماء والأرض ليس التحديد بل بيان مجرد السعة وطول الامتداد بما لا يعرفه إلا الله كما يقتضيه المقام والثالث إن الحديث اذي أورده لا يدل على أن نهاية الدرجة الأخيرة من تلك الدرجات منتهة إلى الدرجة السافلة من العرش بل هو ساكت عنه فيجوز أن يكون المقدار ازيد مما ذكره لأن طبقات المجاهدين متفاوتة على أن سقف الجنة وإن كان هو عرش الرحمن لكن المراد به ذروته وهي التي ينتهي دونها عالم التركيب وهي موضع قدم النبي عليه السلام، ليلة المعراج وما بين أسفل الجنة من محدب الكرسي إلى أعلاها من تلك الذروة التي هي محدب العرش لأحد له يعرف على ما سيجيء في سورة الأعلى إن شاء الله تعالى فإذا تحققت هذا البيان الشافي في الآية الكريمة وهو الذي أشار إليه الحكماء الإلهية فدع عنك القيل والقال الذي قرره أهل المراء والجدال فمنه إن قوله في يوم بيان لغابة ارتفاع تلك المعارج وبعد مداها على منهاج التمثيل والتخييل والمعنى من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها في ذلك لكان ذلك الزمان مقدار خمسين ألف سنة من ستي الدنيا انتهى وفيه إن كونه محمولاً على التمثيل إنما يظهر إذا فسرت المعارج بغير السموات وهو خلاف المقصود ومنه إن معناه تعرج الملائكة والروح إلى عرشه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة أي يقطعون في يوم من أيام الدنيا ما يقطعه الإنسان في خمسين ألف سنة لو فرض ذلك القطع وذلك لغاية سرعتم وقوتهم على الطيران وبالفارسية اكر يكى ازبنى آدم خواهدكه سير كنداز دنيا تا آنجا كه محل امر ملائكة است وايشان بيكروز ميررند او بدين مقدار سال تواند رفت انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣


الصفحة التالية
Icon