وفيه أن سير الملائكة لحظي فيصلون من أعلى الأوج إلى أسفل الحضيض في آن واحد فتقدير سيرهم باليوم المعلوم في العرف غير واضح ومنه إن اليوم في الآية عارة عنأول أيام الدنيا إلى انقضائها وإها خمسون ألف سنة لا يدري أحدكم مضي وكم بقي إلا الله تعالى انتهى وفيه أن أيام الديا تزيد على ذلك زيادة بينة كما لا يخفى على أهل الأخيار وعندي إنها ثلاثمائة وستون ألف سنة بمقدار أيام السنة دل عليه قولهم إن عمر الإنسان جامعة من جمع الآخرة وقد أسفلناه في موضعه ومنه أن المراد باليوم هو يوم من أيام الدنيا يعرج فيه الأمر من منتهى أسفل الأرضين إلى منتهى أعلى السموات ومقدار ذلك اليوم خمسون ألف سنة وإما اليوم الذي مقداره ألف سنة كما في سورة الم السجدة فباعتبار نزول الأمر من السماء إلى الأرض وباعتبار عروجه من الأرض إلى السماء فللنزول خمسمائة وكذا للصعود والمجموع ألف وفيه إنه زاد في الطنبور نغمة أخرى حيث اعتبر العروج من أسفل الأرضين ليطول المسافة وظاهر إنه لا يتم المقصود بذلك ومنه إن المراد تصعد الحفظة بأعمال بني آدم كل يوم إلى محلى قربته
١٥٧
وكرامته وهو السماء في يوم كان مقادره خمسين ألف سنة من سني الدنيا لو صعد فيه غير الملك لأن الملك يصعدمن منتهى أمر الله من أسفل السفل إلى منهى أمره من فوق السماء السابعة في يوم واحد ولو صعد فيه بنو آدم لصعدوا في خمسين ألف سنة انتهى وفيه ما في السابق من تقدير اليوم في حق الملائكة مع أن قصر الصعود على الصعود بمجرد لعمل قصور لأنه شأن الملائكة الحافظين والآية مطلقة عامة لهم ولغيرهم من المدبرات ومنه إن قوله في ويم متعلق بواقع على أن يكون المراد به يوم القيامة والمعنى يقع العذاب في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سني الدنيا فتكون جملة قوله تعرج الملائكة معترضة بين الظرف ومتعلقه انتهى وفيه إنه من ضيق العطن لأنه لا مانع من إرادة يوم القيامة على تقدير تعلقه بتعرج أيضاً على ما عرف من تقديرينا السابق فإن قلت لما ذا وصف الله ذاته في مثل هذا القمام بذي المعارج قلت للتنبيه على أن عروج الملائكة على مصاعد الأفلاك ونزولهم منها إنما هو للأمر الإلهي كما قال تعالى يتنزل الأمر بينهن ومن أمره إيصال اللطف إلى أوليائه وإرسال القهر على أعدائه ففيه تحذير للكفار من عقوبة السماء النازلة بواسطة الملائكة كما وقعت للأمم الماضية المكذبة وزجر لهم عما يؤدي إلى المحاسبة الطويلة يوم القيامة هذا ما تيسر لي في هذا المقام والعلم عند الله العلام.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣
وفي التأويلات النجمية : في ذي المعارج أي يصعد بتعذيب أهل الشهوت واللذت مرتبة فوق امرتبة ومصعداً فوق مصعد من معرج نفوسهم إلى معرج قلوبهم ومنه إلى معرج سرهم ومنه إلى معرج روحهم يعذبهم في كل مرتبة عذاباً أشد من أول وفي قوله تعالى : تعرج.
الخ أي تعرج الخواطر الروحانية خصوصاً خاطر جبريل الروح في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة من أيام الله وهي أيام السماء التي تحت حيطة الله الاسم الجامع فافهم قال القاشاني : ذي المعارج أي المصاعد وهي مراتب الترقي من مقام الطبائع إلى مقام المعادن بالاعتدال ثم إلى مقام النبات ثم إلى الحيوان ثم إلى الإنسان في مدارج الانتقالات المترتبة بعضها فوق بعض ثم في منازل السلوك بالانتباه واليقظة والتوبة والإنابة إلى آخر ما أشار إليه أهل السلوك من نمزل اليقين ومنهل القلب في مراتب الفناء في الأفعال في الذات مما لاي حصى كثرة فإن له تعالى بإزاء كل صفة مصعداً بعد المصاعد المتقدمة على مقام والصفات إلى الفناء الفناء في الصفات تعرج الملائكة من القوى الأرية والسمائية في وجود الإنسان والروح الإنساني إلى حضرته اذاتية الجامعة في القيامة الكبرى في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وهو يوم من أيام الله العلي بالذات ذي المعارج العلي وهي الأيام الستة السرمدية من ابتداء الأزل إلى انتهاء الأبد وإما ايوم المقدار بألف سنة في قوله : وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون فهو يوم من أيام الرب المدبر الذي وقت به العذاب وانجاز الوعد في قوله ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده والتدبير في قوله : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدار ألف سنة مما تعدون وذلك اليوم الأخير من الأسبوع الذي هو مدة الدنيا المنتهية بنبوة الخاتم والذي قال فيه إن استقامت أمتي فلها يوم وإن لم تسبقم فلها نصف يوم مع قوله بعثت أنا والساعة كهاتين
١٥٨


الصفحة التالية
Icon