فهذا يوم من أيام الربوبية والتدبير وأما اليوم الذي هو من الأيام الألوهية فهو مقدار ابتداء الربوبية بأسماء الله الغير المتناهية التي تندرج معها لا تناهيها في الأسماء السبعة وهي الحي العالم القادر المريد السميع البصير المتكلم ولكل من هذه السبعة ربوبية مطلقة بالنسبة إلى ربوبيات الأسماءا لنمدرجة تحته ومقيدة بالنسبة إلى ربوبية كل واحد من أخواته إلى انتهائها بالتجلي الذاتي وكما أن هذا اليوم المذكرو سع من أيام الدنيا فمدة الدنيا سبع من ذلك اليوم الإلهي الحاصل من ضرب أيام الدنيا في عدد أسماء الربوبية وهي تسع وأربعون سنة وآخره أول الخمسين الذي هو يوم واحد من أيام الله وهو يوم القيامة الكبرى فاصبر} يا محمد
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣
﴿صَبْرًا جَمِيلا﴾ لا جزع فيه ولا شكوى لغيرافإن العذاب يقع في هذه المدة المتطاولة التي تعرج فيها الملائكة والروح وعن الحسن الصبر الجميل هو المجاملة في الظاهر وعن ابن بحر انتظار الفرج بلا استعجال وهو متعلق بسأل لأن السؤال كان عن استهزاء وتعنت وتكذيب بالوحي وذلك مما يضجره عليه السلام، أو كان عن تضجر واستبطاء للنصر والمعونة ﴿إِنَّهُمْ﴾ أي ل مكة ﴿يَرَوْنَهُ﴾ أي العذاب الواقع أي يزعمونه في رأيهم ﴿بَعِيدًا﴾ أي يستبعدونه بطريق الإحالة كما كانوا يقولون ائذا متنا وكنا تراباً الآية من يحيى العظام وهي رميم فلذلك يسألون به وسبب استبعادهم عدم علمهم باستحقاقهم إياه يقول المرء لخصمه هذا بعيد رداً لوقوعه وإمكانه أي نعلمه ﴿قَرِيبًا﴾ لعلمنا باستحقاقهم إياه بحسب استعدادهم أي هينا في قدرتنا غير بيعد علينا ولا متعذر فالمراد بالبعد هو البعد من الإمكان وبالقرب هو القرب منه وقال سهل رحمه الله إنهم يرون المقضي عليهم من الموت والبعث والحساب بعيداً لبعد آمالهم ونرا قريباً فإن كل كائن قريب والبعيد ما لا يكون وفي الحديث :"ما الدنيا فيما مضى وما بقي إلا كثوب شق باثنين وبقي خيط واحد ألا وكان ذلك الخيط قد انقطع" قال الشاعر :
هل الدنيا وما فيها جميعاً
سوى طل يزول مع النهار
ما همو مسافريم درزير درخت
ون سايه برفت زود بردار درخت
ومن عجب الأيام إنك قاعد
على الأرض في الدنيا وأنت تسير
فسيرك يا هذا كسير سفينة
بقوم قعود والقلوب تطير
كتاب تفسير روح البيان ج١٠ من ص١٥٩ حتى ص١٧٠ رقم١٧
﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَآءُ كَالْمُهْلِ﴾ وهو ههنا خبث الحديد ونوه مما يذاب على مهل وتدريج أودردى الزيت لسيلانه على مهل لثخانته وعن ابن مسعود كالفضة المذابة في تلونها أو كالقير والقطران في سوادهما ويوم متعلق بقريباً أي يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم أي يظهر إمكانه وإلا فنفس الإمكان لا اختصاص له بوقت أو متعلق بمضمر مؤخر أي يوم تكون السماء كالمهل يكون من الأحوال والأهوال ما لا يوصف ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ﴾ العهن الصوف المصبوغ قال تعالى :[القارعة : ٥-١٠]﴿كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ﴾ وتخصيص العهن لما فيه من اللون كما ذكر في قوله تعالى : فكانت وردة كالدهان والمعنى وتكون الجبال كالصوف المطبوغ ألوانا لاختلاف ألوان الجبال منها جدد بيض وحمر وغرابيب سود فإذا بست وطيرت في الجو أشبهت العهن
١٥٩
المنفوش إذا طيرته الريح، قال في كشف الأسرار أول ما تنغير الجبال تصير رملاً مهيلاً ثم عهنا منفوشاً ثم تصير هباء منثوراً ولا يسأل حميم حميماً} أي لا يسأل قريب قريباً عن أحواله ولا يكلمه لابتلاء كل منهم بما شغله عن ذلك وإذا كان الحال بين الأقارب هكذا فكيف يكون بين الأجانب والتنكير للتعميم ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ استئنافك أنه قيل لعله لا يبصره فكيف يسأل عن حاله فقل يصبرونهم والضمير الأول لحميم أول والثاني للثاني وجمع الضميرين لعموم الحميم لكل حميمين لا لحميمين اثنين قال في تاج المصادر التبصير بينا كردن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣
والتعريف والإيضاح ويعدى إلى المفعول الثاني بالباء وقد تحذف الباء وعلى هذا يبصرونهم انتهى.
يعني عدى يبصرونهم بالتضعيف إلى ثان وقام الأول مقام الفاعل والشائع المتعارف تعديته إلى الثاني بحرف الجر يقال بصرته به وقد يحذف الجار وإذ نسبت الفعل للمفعول به حذفت الجار وقلت بصرت زيداً وما في الآية من هذا القبيل والمعنى يبصر إلا حماء إلا حماء يعني بينا كرده شوندايشان بخويشان خود.
فلا يخفون عليهم ولا يمنعهم من التساؤل إلا تشاغلهم بحال أنفسهم وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين صاحبعه فيبصر الرجل أباه وأخاه وأقرباءه وعشيرته ولكن لا يسأله ولا يكلمه لاشتغاله بما هو فيه قال ابن عباس رض الله عنهما يتعارفون ساعة ثم يتناكرون ﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ﴾ أي يتمنى الكافر وقيل كل مذنب ﴿لَوْ﴾ بمعنى التمني فهو حكاية لودادتهم فدادهد.


الصفحة التالية
Icon