وفي التأويلات النجمية : أي في أخلاقي وصفاتي وأفعالي وأعمالي وأقوالي وأحوالي انتهى.
وهذا وإن كان داخلاً في الأمر بعبادة الله وتقواه إلا أنه خصه بالذكر تأكيداً في ذلك التلكيف ومبالغة في تقريره قال بعضهم : أصله وأطيعوني بالياء ولم يقل وأطيعوه بالهاء مع مناسبته لما قبله يعني أسند إلا طاعة إلى نفسه لما إن أطاعة الرسول إطاعة الله كما قال تعالى :﴿مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ﴾ وقال تعالى : وأطيعوا الرسول فإذا كانوا مأمورين بإطاعة الرسول فكان للرسول أن يقول وأطيعون وأيضاً إن الإجابة كانت تقع له في الظاهر يغفر لكم} جواب الأمر ﴿مِّن ذُنُوبِكُمْ﴾ أي بعض ذنوبكم وهو ما سلف في الجاهلية فإن الإسلام يجب ما قبله لا ما تأخر عن الإسلام فإنه يؤاخذ به ولا يكون مغفوراً بسبب الإيمان ولذلك لم يقل يغفر لكم ذنوبكم بطي منالتبعيضية فإنه يعم مغفرة ميع الذنوب ما تقدم منها وما تأخر وقيل المراد ببعض الذنوب بعض ما سبق على الإيمان وهو ما لا يتعلق بحقوق العباد ﴿وَيُؤَخِّرْكُمْ﴾ بالحفظ من العقوبات المهلكة كالقتل والإغراق والإحراق ونحوها من أسباب الهلاك والاستئصال وكان اعتقادهم إن من أهلك بسبب من هذه الأسباب لم يمت بأجله فخاطبهم على المعقول عندهم فليس يريد أن الإيمان يزيد في آجالهم كذا في بعض التفاسير ﴿إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾ معين مقدر عند الله والأجل المدة المضروبة للشي قال في "الإرشاد" وهو الأمد الأقصى الذي قدره الله لهم بشرط إلا إيمان والطاعة صريح في أن لهم أجلاً آخر لا يجاوزوه إن لم يؤمنوا به وهو المراد بقوله تعالى ﴿إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ﴾ وهو ما قدر لكم على تقدير بقائكم على الكفر وهو الأجل القريب المطلق الغير المبرم بخلاف الأجل المسمى فإنه البعيد المبرم وأضيف الأجل هنا إلى الله لأنه المقدر والخالق أسبابه وأسند إلى العباد في قوله إذا جاء أجلهم لأنهم المبتلون المصابون ﴿إِذَا جَآءَ﴾ وأنتم على ما أنتم عليه من الكفر ﴿لا يُؤَخَّرُ﴾ فبادروا إلى الإيمان والطاعة قبل مجيئه حتى لا يتققى شرطه الذي هو بقاؤكم على الكفر فلا يجيء ويتحقق شرط التأخير إلى الأجل المسمى فتؤخروا إليه فالمحكوم عليه بالتأخير هو الأجل المشروط بشرط الإيمان والمحكوم عليه بامتناعه هو الأجل المشروط بشرط البقاء على الكفر فلا تناقض لانعدام وحدة الشرط ويجوز أن يراد به وقت إتيان العذاب المذكور في قوله تعالى من قبل أن يأتيهم عذاب أليم فإنه أجل موقت له حتماً ﴿لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ شيئاً
١٧٣
لسارعتم إلى ما أمرتكم به أو لعلمتم أن الأجل لا تأخير فيه ولا إهمال وفيه إشارة إلى أنهم ضيعوا أسباب العلم وآلات تحصيله بتوغلهم في حب الدنيا وطلب لذاتهم حتى بلغوا بذلك إلى حيث صاروا كأنهم شاكون في الموت.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
روزى كه اجل در آيد ازيش وست
شك نيست كه مهلت ندهديك نفست
يارى نرسد دران دم از هي كست
برباد شود جمله هوا وهوست
﴿قَالَ﴾ أي نوح مناجياً لربه وحاكياً له وهو أعلم بحال ما جرى بينه وبين قومه من القيل والقال في تلك المدد الطوال بعد ما بذل في الدعوة غاية المجهود وجاوز في الإنذار كل حد معهود وضاقت عليه الحيل وعيت به العلل ﴿رَّبِّ﴾ أي روردكارمن ﴿إِنِّى دَعَوْتُ قَوْمِى﴾ إلى الإيمان والطاعة ﴿لَيْلا وَنَهَارًا﴾ في الليل والنهار أي دائماً من غير فتور ولا توان فهما ظرفان لدعوت أراد بهما الدوام على الدعوة لأن الزمان منحصر فيهما وفي "كشف الأسرار" بشبها درخانهاى ايشان وبورزها در انجمنهاى ايشان.
وكان يأتي باب أحدهم ليلاً فيقرع الباب فيقول صحب البيت من على الباب فيقول أنا نوح قل لا إله إلا الله ﴿فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَآءِى إِلا فِرَارًا﴾ مما دعوتهم إليه.
وفي التأويلات النجمية : من متابعي وديني وما أنا عليه من آثار وحيك والفرار وبالفارسية كريختن.
وهو مفعول ثان لقوله لم يزدهم لأنه يتعدى إلى مفعولين يقال زاده الله خيراً وزيده فزد وازدد كما في "القاموس" وإسناد الزيادة إلى الدعاء مع أنها فعل الله تعالى لسببيته لها والمعنى إن الله يزيد الفرار عند الدعوة الصرف لمدعو اختياره إليه ﴿وَإِنِّى كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ﴾ أي إلى الإيمان.
وفي التأويلات النجمية : كلما دوتهم بلسان الأمر مجرداً عن انضمام الإرادة الموجبة لوقوع المأمور فإن الأمر إذا كان مجرداً عن الإرادة لا يجب أن يقع المأمور به بخلاف ما إذا كان مقروناً بالإرادة فإنه لا بد حينئذٍ من وقوع المأمور به ﴿لِتَغْفِرَ لَهُمْ﴾ بسببه ﴿جَعَلُوا أَصَـابِعَهُمْ فِى ءَاذَانِهِمْ﴾ أي سدوا ماسمعهم من استماع الدعوة فالجعل المذكور كناية عن هذا السد ولا مانع من الحمل على حقيقته بأن يدخلوا أصابعهم في ثقب آذانهم قصدا إلى عدم الاستماع ﴿وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ﴾ الاستغشاء جامه بسر در كشيدن.