كما في تاج المصادر مأخوذ من الغاشء وهو الغطاء وفي الأصل اشتمال من فوق ولما كان فيه معنى الستر استعمل معناه وأصل الاستغشاء طلب الشىء أي الستر لكن معنى الطلب هنا ليس بمقصود بل هو بمعنى التغطي والستر وإنما جيء بصيغته التي هي السين للمبالغة والثياب جمع ثوب سمى به لثوب الغزل أي رجوعه إلى الحالة التي قدر لها والمعنى وبالغوا في التغطي بثيابهم كأنهم طلبوا منها إن تغشاهم أي جميع أجزاء بدنهم آلة الأبصار وغيرها لئلا يبصروه كراهة النظر إليه فإن المبطل يكره رؤية المحق للتضاد الواقع بينهما وقس عليهما المتكبر والكافر والمبتدع بالنسبة إلى المتواضع والمؤمن والسني أو لئلا يعرفهم فيدعوهم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
يقول الفقير : هذا الثاني ليس بشيء لأن دعوته على ما سبق كانت عامة لجميع من في الأرض ذكورهم وإناثهم والمعرفة ليست من شرط الدعوة واشتباه الكافر بالمؤمن مدفوع بأن المؤمن كان أقل القليل
١٧٤
معلوماً على كل حال على أن التغطي من موجبات الدعوة لأن بذلك يعلم كونه من أهل الفرار إذ لم يكن في ذلك الزمان حجاب وقال بعضهم : ويجوز أن يكون التغطي مجازاً عن عدم ميلهم إلى الاستماع والقبول بالكلية لأن من هذا شأنه لاي سمع كلامه غيره ﴿وَأَصَرُّوا﴾ أي أكبوا وأقاموا على الكفر والمعاصي وفي قول القلوب الإصرار يكون بمعنى يعقد بقلبه إنه متى قدر على الذنب فعله أولاً يعقد الند ولا التوبة منه وأكبر الإصرار السعي في طلب الأوزار.
(وفي تاج المصادر) الإصرار بريزى باستادن وكوش راست كردن است.
يقال اصر الحمار على العانة وهي القطيع من حمر الوحش إذا ضم أذنيه إلى رأسه وأقبل عليها يكدمها ويطردها استعير للإقبال على الكفر والمعاصي والاكباب عليهما بتشبيه الإقبال المذكور بإصرار الخمار على العانة يكدمها ويطردها ولو لم يكن في ارتكاب المعاصي إلا التشبيه بالحمار لكفى به مزجرة فكيف والتشبيه في السوء حاله وهو حال الكدم والطرد للسفاد ﴿وَاسْتَكْبَرُوا﴾ تعظموا عن أتباعي وطاعتي وأخذتهم العزة في ذلك ﴿اسْتِكْبَارًا﴾ شديداً لأنهم قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال بعض العارفين : من أصر على المعصية أورثته التمادي في الضلالة حتى يرى قبيح أعماله حسناً فإذا رآه حسناً يتكبر ويعلو بذلك على أولياء الله ولا يقبل بعد ذلك نصيحتهم قال سهل قدس سره : الإصرار على الذنب يورث النفاق والنفاق يورث الكفر ﴿ثُمَّ إِنِّى دَعَوْتُهُمْ﴾ دعوة ﴿جِهَارًا﴾ أي أظهرت لهم الدعوة يعني آشكارا در محافل ايشان.
والجهر ظهور الشيء فأفراط لحاسة البصر أو حاسة السمع ﴿ثُمَّ إِنِّى أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا﴾ إشارة إلى ذكر عموم الحالات بعد ذكر عموم الأوقات أي دعوتهم تارة بعد تارة ومرة غب مرة على وجوه متخالفة وأساليب متقاوتة وثم لفتاوت الوجوه فإن الجار أشد من الأسرار والجمع بينهما أغلظ من الأفراد والإعلان ضد الأسرار يقال أسررت إلى فلان حديثاً أفضيت به إليه في خفية أي من غير إطلاع د عليه وجهرت به أظهرته بحيث اطلع عليه الغير ويجوز أن يكون ثم لتراخي بعض الوجوه عن بعض بحسب الزمان بأن ابتدأ بمناصحتهم ودعوتهم في السر فعاملوه بالأمور الأربعة وهي الجعل والتغطي والإصرار والاستكبار ثم ثتى بالمجاهرة بعد ذلك ذلك لم يؤثر جمع بين الإعلان والإسرار أي خلط دعاءه بالعلانية بدعاء السر فكما كلمهم جميعاً كللمهم واحداً واحداً سراً وقال بعضهم : إشكارا كردم مر بعضي ايشانرا يعين باشكرا آوز برداشتم وباعلاي صوت دعوت كردم وبراز كفتم مر بعضي ديكر از ايشانرا.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
وفي بعض التفاسير أن نوحاً عليه السلام لما آذوه بحيث لا يوصف حتى كانوا يضربونه في اليوم مرات عيل صبره فسأل الله أن يواريه عن أبصارهم بحيث يسمعن كلامه ولا يرونه فينالونه بمكروه ففعل الله ذلك به دعاهم كذلك زماناً فلم يؤمنوا فسأل أن يعيده إلى ما كان وهو قوله أعلنت لهم وأسررت لهم أسراراً وقال القاشاني : ثم إني دعوتهم جهاراً أي نزلت عن مقام التوحيد ودعوتهم إلى مقام العقل وعالم النور ثم إني أعلنت لهم بالمعقولات الظاهرة وأسررت لهم في مقام القلب بالأسرار الباطنة ليتو
١٧٥