صلوا إليها بالمعقول ﴿فَقُلْتُ﴾ لهم عقيب الدعوة عطف على قوله دعوت ﴿اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ﴾ اطلبوا المغفرة منه لأنفسكم بالتوبة عن الكفر والمعاصي قبل الفوت بالموت ﴿إِنَّهُ﴾ تعالى ﴿كَانَ غَفَّارًا﴾ للتائبين بجعل ذنوبهم كأن لم تكن والمراد من كونه غفاراً في الأزل كونه مريداً للمغفرة في وقتها القمدر وهو وقت وجود المغفور له وفي كشف الأسرار كان صلة إليه ورؤية التقصير في العبودية الندم على ما ضاع من أيامهم بالغفلة عن الله وفي الحديث :"من أعطى الاستغفار لا يمنع المغفرة لأنه تعالى قال : استغفروا ربكم إنه كان غفاراً" ولذا كان علي رضي الله عنه يقول : ما ألهم الله عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه وعن بعض العلماء قال الله تعالى إن أحب عبادي إلى المتحابون بحبي والمعلقة قلوبهم بالمساجد والمستغفرون بالأسحار أولئك الذين إذا آدت أهل الأرض بعقوبة ذكرتهم فتركتهم وصوفت العقوبة عنهم والغفار أبلغ من الغفور وهو من الغافر وأصل الغفر الستر والتغطية ومنه قيل لجنة الرأس مغفر لأنه يستر الرأس والمغفرة من الله ستره للذنوب وعفوه عنها بفضله ورحمته لا بتوبة العباد وطاعتهم وإنما التوبة والطاعة للعبودية وعرض الافتقار وفي بعض الأخبار عبدي لو أتيتن بقراب أصرض ذنوباً لغفرتها لك ما لم تشرك بي.
(حكى) إن شيئخاً حج مع شاب فلما أحرم قال لبيك اللهم لبيك فقيل له لا لبيك فقال الشاب للشيخ ألا تسمع هذا الجواب فقال كنت أسمع هذا الجواب منذ سبعين سنة قال فلأي شيء تتعب نفسك فبكى الشيخ فقال فإلى أي باب التجيء فقيلله قد قبلناك.
همه طاعت آرند ومسكين نياز
بياتا بدركاه مسكين نواز
وشاخ برهنه برآريم دست
كه بي برك ازين بيش نتوان نشست
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
﴿يُرْسِلِ السَّمَآءَ﴾ أيالمطر كما قال الشاعر إذا نزل السماء بأرض قوم قال وقال بعضهم أي ماء السماء فحذف المشاف ﴿عَلَيْكُم﴾ حال كونه ﴿مِّدْرَارًا﴾ أي كثير الدرور أي السيلا والإنصباب وبالفارسية فرو كشايد برشما باران ي در ي وبيهكنام.
وفي الإرسال مبالغة بالنسبة إلى الإنزال وكذا المدرار صيغة مبالغة ومفعال مما يستوي فيه المذكر والمؤنث كقولهم رجل أو امرأة معطار ويرسل جواب شرط محذوف أي أن تستغفروا يرسل السماء وفي قول النجاة في مثة إنه جواب الأمر وهو ههنا استغفروا تسامح في العبارة اعتماداً على وضوح المراد وكسر اللام بالوصل لتحرك الساكن به كأن قوم نوح تعللوا وقالوا إن كنا على الحق فكيف نتركه وإن كنا على الباطل فكيف يقبلنا بعدما عكفنا عليه دهراً طويلاً نأمرهم الله بما يمحق ما سلف منهم من المعاصي ويجلب عليهم المنافع وهو الاستغفار ولذلك وعدهم بالعوائد العاجلة التي هي أوقع في قلوبهم من المغفرة وأحب إليهم إذا النفس حريصة بحب العاجل ولذلك جعلها جواب الأمر بأن قال يوسل السماء الخ دون المغفرة بأن قال يغفر لكم ليرغبوا فيها ويشاهدوا إن أثرها وبركتها ما يقاس عليه حال المغفرة فالاشتغال بالطاعة سبب لانفتاح أبواب الخيرات كما أن المعصية سبب لخراب العالم بظهور أسباب القهر الإلهي وقيل لما كذبوه بعد تكرير الدعوة حبس الله عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة وقيل
١٧٦
سبعين سنة فودعهم أن آمنوا أن يرزقهم الله الخصب ويدفع عنهم ما كانوا فيه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١


الصفحة التالية
Icon