والسراج اعراق عند الناس من الشمس بوجه الشبه الذي هو إزالة ظلمة الليلي لأنهم يستعملونه في الليالي فلا يرد أن يقال أن نور القمر عرض مستفاد من الشمس كضوء السراج فتشبه القمر بالسراج أولى من يشبيه الشمس به وأيضاً إنه من تشبيه الأعلى بالأدنى وقال حضرة الشيخ صدر الدين القنوى قدس سره في شرح الأربعين حديثاً الضيء هو امتزاج النور بالظمة وليس في ذات القمر ما يمتزج بالشمس حتى يسمى الناتج بينهما ضياء ولهذا سمى الحق القمر نوراً دون الشمس المشبهة بالسراج لكونه ممدوداً من الشجرة المباركة المنفي عنها الجهات وإنها الحضرة الجامعة للأسماء والصفات والله أنبتكم من الأرض نباتاً} أي إنباتاً عجيباً وأنشأكم منها إنشاء غريباً بواسطة إنشاء أبيكم آدم منها أو أنش الكل منها من حيث إنه خلقهم من النطف المتولدة من النبات المتولد من الأرض استعير الإنبات للإنشاء لكونه أدل على الحدوث والتكون من لأرض لأنهم إذا كانوا نباتاً كانوا محدثين لا محالة حدوث النبات ووضع نباتاً موضع إنباتاً على إنه مصدر مؤكذد لأنبتكم بحذف الزوائد ويسمى اسم مصدر دل عليه القرية الآتية وهي قوله ويخرجكم إخراجاً وقال بعضهم : نباتاً حال لا مصدر ونبه بذلك إن الإنسان من وجه نبات من حي إن بدأه ونشأته من التراب وإنه ينمو نموه وإن كان له وصف زائد على النبات والنبات ما يخرج من الأرض سواء كان له ساق كالشجر أو لم يكن كالنجم لكن اختص في التعارف بما لا ساق له بل اختص عند العامة بما يأكله الحيوان وقال بعض أهل المعرفة والله أنبتكم من الأرض نباتاً أي جعل غذاءكم الذي تنمو به أجسادكم من الأرض كما جعل النبات ينمو بالماء بواسطة التراب فغذاء هذه النشأة ونموها بما خلقت منه ﴿ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا﴾ أي في الأرض بالدفن عند موتكم ﴿وَيُخْرِجُكُمْ﴾ منها عند البعث والحشر ﴿إِخْرَاجًا﴾ محققاً لا ريب فيه وذلك لمجازاة الأولياء ومحاسبة الأعداء ولم يقل ثم يخرجكم بل ذكر بالواو الجامعة إياها مع يعيدكم رمزاً إلى أن الإخراج مع الإعادة في القبر كشيء واحد لا يجوز أن يكون بعضها محقق الوقوع دون بعض.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
وفي التأويلات النجمية : والله أنبت من أرض بشريتكم نبات الأخلاق والصفات ثم يعيدكم في تلك الأرض بالبقاء بعد الفناء بطريق الرجوع إلى أخحكام البشرية بالله لا بالطبع والميل الطبيعي ويخرجكم أي ويظهركم ويغلبكم على التصرف في العالم بالله لا بكم ولا بقدرتكم واستطاعتكم ﴿وَاللَّهُ﴾ كرر الاسم الجليل للتعظيم والتمين والتبرك ﴿جَعَلَ لَكُمُ﴾ أي لمنافعكم ﴿الارْضَ﴾ سبق بيانها في سورة الملك وغيرها ﴿بِسَاطًا﴾ مبسوطة متسعة كالبساط والفراش تتقلبون عليها تقلبكم على بسطكم في بيوتكم قال أبو حيان ظاهره إن
١٧٩
الأرض ليست كرية بل هي مبسوطة قالسعدي امفتي وإنما هو في التقلب عليها على ما فسروه انتهى.
وقد مر مراراً إن كرية الأرض لاتتا في الحرث والغرس ونحوهما لعظم دائرتها كما يظهر الفرق بين بيضة الحمامة وبيضة النعامة من السلوك وهو الدخول لا من السلك وهو الإدخال ﴿مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا﴾ أي طرقاً واسعة جمع سبيل وفج وهو الطريق الواسع فجر دهناً لمعنى الواسع فجعل صفة لسبلا وقيل هو المسلك بين الجبلين.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١