قال في المفردات : الفج طريق يكتفها جبلان ويستعمل في الطريق ال واسع ومن متعلقة بما قبلها لما فيه من معنى الاتخاذ أي لتسلكوا متخذين من الأرض سبلاً فتصرفوا فيها مجيئاً وذهاباً أو بمضمر هو حال من سبلا أي كائنة من الأرض ولو تأخر لكان صفة لها ثم جعلها بساطاً للسلوك المذكور لا ينافي غيره من الوجوه كالنوم والاستراحة والحرث والغرس ونحوها ثم السلوك إما جسماني بالحركة الاينية الموصلة إلى المقصد وإما روحاني بالحركة الكيفية الموصلة إلى المقصود ولكل منهما فوائد جليلة كطلب العلم والحج والتجارة وغيرها وكتحصيل المحبة والمعرفة والأنس ونحوها وقال القاشاني : والله جعل لكم أرض البدن بساطاً لتسلكوا منها سبل الحواس فجاجاً أي خروقاً واسعة أو من جهتها سبل سماء الروح إلى التوحيد كا قال أمير المؤمنين رضي الله عنه سلوني عن طرق السماء فإني أعلم بها من طرق الأرض أراد الطرق الموصلة إلى الكمال من المقامات والأحوال كالزهد والعبادة والتوكل والرضى وأمثال ذلك ولهذا كان معراج النبي عليه السلام، بالبدن ﴿قَالَ نُوحٌ﴾ أعيد لفظ الحكاية لطول العهد بحكاية مناجاته لربه فهو بذل من قال الأول ولذا ترك العطف أي قال مناجياً له تعالى ﴿رَّبِّ﴾ أي روردكار من ﴿إِنَّهُمْ عَصَوْنِى﴾ داموا على عصياني ومخالفتي فيما أمرتهم به مع ما بالغت في إرشادهم بالعظة والتذكير ﴿وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُه وَوَلَدُهُ اإِلا خَسَارًا﴾ أي استمروا على أتباع رؤوسائهم الذين أبطرتهم أموالهم وغرتهم أولادهم وصارت تلك الأموال والأولاد سبباً لزيادة خسارهم في الآخرة فصاروا سوة لهم الخسار وفي وصفهم بذلك إشعار بأنهم إنما اتبعوهم لو جاهتهم الحاصلة لهم بسب الأموال والأولاد لما اشهدوا فيهم من شبهة مصححة للاتباع كما قالت قريش لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم فجعلوا الغنى سبباً مصححاً للاتباع ودل الكلام على أن ازدياد المال والولد كثيراً ما يكون سباً للهلاك الروحاني ويورث الضلال في الدين أولاً والاضلال عن اليقين ثانياً قال ابن الشيخ المفهوم من نظم الآية إن أموالهم وأولادهم عين الخسار وإن ازديادهما إنما هو ازدياد خسارهم والأمر في الحقيقة كذلك فإنهما وإن كانا من جملة المنافع المؤدية إلى السعادة الأبدية بالشكر عليهما وصرفهما إلى وجوه الخير إلا أنهما إذا أديا إلى البطر والاغترار وكفران حق المنعم بهما وصارا وسيلتين إلى العذاب المؤبد في الآخرة صارا كأنهما مخض الحسار لأن الدنيا في جنب الآخرة كالعدم فمن انتفع بهما في الدنيا خسر سعادة الآخرة وصار كمن ل لقمة مسمومة من الحلوى فهلك فإن تلك اللقمة في حقه هلاك محض
١٨٠
إذ لا عبرة لانتفاعه بها في جنب ما أدت إليه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
نوغافل درانديشه سود ومال
كه سرمايه عمر شد ايمال
كتاب تفسير روح البيان ج١٠ من ص١٨١ حتى ص١٩١ رقم١٩


الصفحة التالية
Icon