جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
وفي التأويلات النجمية : لا تتركن عبودية آلهتكم التي هي ود النفس المصورة بصورة المرأة وسواع الهوى المصور بصورة الرجل ويغوث الطبيعة المشكلة بشكل الأسد ويعوق الشهوة المشكلة بصورة الفرس ونسر الشره المصور بصورة النسر وقال القاشاني : أي معبوداتكم التي عكفتم بهواكم عليها من ود البدن الذي عبدتموه بشهواتكم وأحببتموه وسواع النفس ويغوث الأهل ويعوق المال ونسر الحرص ﴿وَقَدْ أَضَلُّوا﴾ أي الرؤساء والجملة حالية ﴿كَثِيرًا﴾ أي خلقاً كثيراً أو أضل الأصنام كقوله تعالى :﴿رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ﴾ جمعهم جمع العقلاء لعدهم آلهة ووصفهم بأوصاف العقلاء ولا تزد الظالمين} بالاشتراك فإن الشرك ظلم عظيم إذ أصل الظلم وضع الشيء في غير موضعه فهل شيء أسوأ في هذا من وضع أخس المخلوق وعبادته موضع الخالق الفرد الصمد وعبادته ﴿إِلا ضَلَـالا﴾ الجملة عطف على قوله تعالى :[نوح : ٢١-٨٧]﴿رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِى﴾ أي قال رب إنهم عصوني، وقال : ولا نزد الظالمين إلا ضلالاً قالوا ومن الحكاية لا من المحكى أو من كلام الله لا من كلام نوح فنوح قال كل واحد من هذين القولين من غير أن يعطف أحدهما على الآخر فحكى الله أحد قوليه بتصديره بلفظ، قال : وحكى قوله صا بعطفه على قوله الأول بالواو المنائبة عن لفظ قال فلا يلزم عطف الإنشاء على الأخبار ويجوز
١٨٢
عطفه على مقدار أي فأخذلهم قالوا وحينئذٍ من المحكى والمراد بالضلال هو الصيام والهلاك والضلال في تمشية مكرهم وترويجه مصالح دنياهم لا في أمر دينهم حتى لا يتوجه إنه إنما بعث ليصرفهم عن الضلال فكيف يليق به أن يدعو الله في أن يزيد ضلالهم وإن هذا الدعاء يتضمن الرضى بكفرهم وذلك لا يجوز في حق الأنبياء وإنك ان يمكن أن يجاب بأنه بعدما أوحى إليه إنه لا يؤمن من قومك إلا من قد آمن وإن المحذور هو الرضى المقرون باستحسان الكفرو نظيره دعاء موسى عليه السلام، بقوله واشدد على قلوبهم فمن أحب موت الشرير بالطبع على الكفر حتى ينتقم الله منه فهذا ليس بكفر فيؤول المعنى إلى أن يقال ولاي زد الظالمين الإضلال وغيا ليزدادوا عقاباً كقوله تعالى : إنما نملى لهم ليزدادوا إثماً وقوله : إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار قالوا دعا نوح الأبناء بعد الآباء حتى بلغوا سبعة قرون فلما ايس من إيمانهم دعا عليهم مما خطيئاتهم} أي من أجل خطيئات قوم نوح وأعمالهم المخالفة للصواب وهي الكفر والمعاصي وما مزيدة بين الجار والمجرور لتأكيد الحصر المستفاد من تقديم قوله مما خطيئاتهم فإنه يدل على أن إغراقهم بالطوفان لم يكن إلا من أجل خطيئاتهم تكذيباً لقول المنجمين من أن ذلك كان لاقتضاء الأوضاع الفلكية إياه ونحو ذلك فإنه كفر لكونه مخالفاً لصريح هذه الآية ولزيادة ما الإبهامية فائدة غير التوكيد وهي تفخيم خطيئاتهم أي من أجل خطيئاتهم العظيمة ومن لم ير زيادتها جعلها نكرة وجعل خطيئاتهم بدلاً منها والخطيئات جمع خطيئة وقرأ أبو عمر وخطاياهم بلفظ الكثرة لأن المقام مقام تكثير خطيئاتهم لأنهم كفروا ألف سنة والخيئات لكونه جمع السلامة لا يطلق عى ما فوق العشرة إلا بالقرينة والظاهر من كلام الرضى إنكل واحد من جمع السلامة والتكثير لمطلق الجمع من يغر نظر إلى القلة والكثرة فيصلحان لهما ولذا قيل إنهما مشتركان بينهما واستدلوا عليه بقوله تعالى :
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
﴿مَّا نَفِدَتْ كَلِمَـاتُ اللَّهِ﴾ في الدنيا بالطوفان لا بسبب آخر وفيه زجر لمرتكب الخطايا مطلقاً ﴿فَأُدْخِلُوا نَارًا﴾ تنكير النار إما لتعظيمها وتهويلها أو لأنه تعالى أعدلهم على حسب خطيئاتهم نوعاً من النار والمراد إما عذاب القبر فهو عقيب الإغراق وإن كانوا في الماء فإن من مات في ماء أو نار أو أكلته السباع أو الطير أصابه ما يصيب المقبور من العذاب عن الضحاك إنهم كانوا يغرقون من جانب أي بالأبدان ويحرقون من جانب أي بالأرواح فجمعا بين الماء والنار كما قال الشاعر :
الخلق مجتمع طوراً ومفترق
والحادثات فنون ذات أطوار
لا تعجبن لأضداد إذا اجتمعت
الله يجمع بين الماء والنار
أو عذاب جهنم والتعقيب لتنزيله منزلة المتعقب لإغراقهم لاقترابه وتحققه لا محالة واتصال زمانه بزمانه كما دل عليه قوله من مات فقد قامت قيامته على أن النار إما نصف نار وهي للأرواح في البرزخ وإما تمام نار وهي للأرواح والأجسام جميعاً بعد الحشر وقس على الجحيم النعيم ﴿فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا﴾ أي لم يجد أحد منهم لنفسه واحداً من الأنصار ينصرهم على من أخذهم بالقهر والانتقام وفيه تعريض باتخاذهم آلهة من دون الله وبأنها
١٨٣