غير قادرة على نصرهم وتهكم بهم ومن دون الله حال متقدمة من قوله أنصاراً والجملة الاستئنافية إلى هنا من كلام الله إشعاراً بدعوة إجابة نوح وتسلية للرسول عليه السلام وأصحابه وتخويفاً للعاصي من العذاب وأسبابه ﴿وَقَالَ نُوحٌ﴾ بعدما قنط من اهتدائهم قنوطاً تاما بالامارات الغالبة وبأخبار الله تعالى ﴿رَّبِّ﴾ أي روردكار من ﴿لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ﴾ لا تترك على الأرض ﴿مِنَ الْكَـافِرِينَ﴾ بك وبما جاء من عندك حال متقدمة من قوله ﴿دَيَّارًا﴾ أحد يدور في الأرض فيذهب ويجبيء أي فأهلكهم بالاستئصال والجملة عطف على نظيرها السابق وقوله تعالى :﴿مِّمَّا خَطِياـاَـاتِهِمْ﴾ الخ اعتراض وسط بين دعائه عليه السلام، للإيذان من أول الأمر بأن ما أصابهم من الإغراق والإحراق لم يصبهم إلا لأجل خطيئاتهم التي عددها نوح وأشار إلى للإهلاك لأجلها لما أنها حكاية لنفس الإغراق والإحراق على طريقة حكاية ما جرى بينه عليه السلام وبينهم من الأحوال والأقوال وإلا لأخر عن كاية دعائه هذا وديار من الأسماء المستعملة في النفي العام يقال ما بالدار ديار أو ديور كقيام وقيوم أي أحد وساكن وهو فيعال من الدور أو من الدار أصله ديوار وقد فعل به ما فعل بأصل سيد فمعنى ديار على الأول أحد دور في الأرض فبذهب ويجيء وعلى الثاني أحد ممن ينزل الدار ويسكنها وأنكر بعضهم كونه من الدور إن وقال لو كان من الدور إن لم يبق على وجه الأرض جنى ولا شيطان وليس المعنى على ذل وإنما المعنى لك كل ساكن دار من الكفار أي كل س منهم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
يقول الفقير : جوابه سهل فإن لمراد كل من يدور على الأر من أمة الدعوة وليس الجن والشيطان منها إذ لم يكن نوح مبعوثاً إلى الثقلين وليس ديار فعالاً من الدار وإلا لقيل دوار لأن أصل دار دور فقلبت واوه ألفاً فلما ضعفت عينه كان دواراً بالواو الصحيحة المشددة إذ لا وجه لقلتها ياء إنك أن تذرهم} عليها كلا أو بعضاً ولا تهلكهم بيان لوجه دعائه عليهم وإظهار بأنه كان نم الغيرة في الدين لا لغلبة غضب النفس لهواها ﴿يُضِلُّوا عِبَادَكَ﴾ عن ريق الحق قال بعضهم عبادك المؤمنين وفيه إشعار بأن الأهل لأن يقاللهم عباد أهل الإيمان انتهى.
وفيه نظر بل المراد يصدوا عبادك عن سبيلك.
كقوله تعالى :[محمد : ١-٢٧]﴿وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دل عليه إنه كان الرجل منهم ينطلق بابنه إلى نوح فيقول له احذر هذا فإه كذاب وإن أبي حذرنيه وأوصاني بمثل هذه الوصية فيموت الكبير وينشأ الصغير على ذلك ولا يلدوا} ونزايند ﴿إِلا فَاجِرًا﴾ الفجر شق الشي شقاً واسعاً كفجر الإنسان السكر وهو بالكسر اسم لسد النهر وما سد به النهر والفجور شق ستر الديانة ﴿كَفَّارًا﴾ مبالغاً في الكفر والكفران قال الراغب : الكفار أبلغ من الكفور وهو المبالغ في كفران النعمة والمعنى إلا من سيفجر ويكفر فالوجه ارتفاعهم عن وجه الأرض والعلم لك فوصفهم بما يصيرون إليه بعد البلوغ فهو من مجاز الأول وكأنه اعتذار مما عيسى رد عليه من أن الدعاء بالاستئصال مع احتمال أن يكون من أخلاقهم من يؤمن منكر وإنما قاله بالوحي لقوله تعالى في سورة هود ﴿وَأُوحِىَ إِلَى نُوحٍ أَنَّه لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلا مَن قَدْ ءَامَنَ﴾ فإن قلت هذا إذا كان دعاء نوح متأخراً عن وحي تلك الآية وذلك
١٨٤
غير معلوم قلت الظاهر إن مثل هذا الدعاء إنما يكون في الأوخر بعد ظهور أمارات النكال قال بعضهم لا يلد الحية إلا الحية وذلك في الأغلب ومن هناك قيل :(إذا طاب أصل المرء طابت فروعه) ونحوه الولد سر أبيه قال بعضهم في توجيهه إن الولد إذا كبر إنما يتعلم منأوصاف أبيه أو يسرق من طباعه بل قد يصحب المرء رجلاً فيسرق من طباعه في الخير والشر.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١


الصفحة التالية
Icon