يقول الفقير : معناه فيه ما فيه أي من الجمال والجلال فقد يكون الجمال الظاهر في الأب باطنا في الابن كما كان في قابيل بن آدم حيث ظهر فيه ما بطن في أبيه من الجلال وكان الأمر بالعكس في هابيل بن آدم وهكذا الأمر إلى يوم القايمة في الموافقة والمخالفة وقال بعض الكبار اعتذار نوح يوم القيامة عند طلب الخلق الشفاعة منه بدعوته على قومو إنما هو لما فيها من قوله ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً لا نفس دعائه عليهم من حيث كونه دعوة انتهى.
أشار إلى أن دعاء نوح كان بالامارات حيث جربهم قريباً من ألف سنة فلم يظهر منهم إلا الكفر والفجور ولو كان بالوحي لما اعتذار كما قال القاشاني : مل من دعوة قومه وضجر واستولى عليه الغضب ودعا ربه لتدمير قومه وقهرهم وحكم بظاهر الحال أن المحجوب الذي غلب عليه الكفر لا يلد إلا مثله فإن النطفة التي تنشأ منها النفس الخبيثة المحجوبة وتتربى بهيئتها المظلمة لا تقبل إلا مثلها كالبذر الذي لا ينبت إلا من صنفه وسبه وغفل عن أن الولد سر أبيه أي خاله الغالبة على الباطن فربما كان الكافر باقي الاستعداد صافي الفطرة نقي الأصل بحسب الاسعداد الفري وقد استولى على ظاهره العادة ودين آبائه وقومه الذين نشأ بينهم فدان بدينهم ظاهراً وقد سلم باطنه فيلد المؤمن على حال النورية كولادة أبي إبراهيم عليه السلام، فلا جرم تولد من تلك الهيئة الغضبية الظلمانية التي غلبت على باطنه وحجبته في تلك الحالة عما قال مادة ابنه كنعان وكان عقوبة لذنب حاله انتهى.
ويدل على ما ذكر من أن دعاءه أليس مبنياً على الوحي ما ثبت أن النبي شبه رضي الله عنه في الشدة بنوح وأبا بكر رضي الله عنه في اللين بإبراهيم قال بعض العارفين في قوله تعالى : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمينفي هذه الآية عتاب لطيف فإنها نزت حين مكث يدعو على قوم شهراً مع أن سبب ذلك الدعاء إنما هو الغيرة على جناب الله تعالى وما يستحقه من الطاعة ومعنى العتاب إني ما أرسلتك سبايا ولا لعاناً وإنما بعثنك رحمة أي لترحم مثل هؤلاء الذين دعوت عليهم كأنه يقول لو كان بدل دعائك عليهم الدعاء لهم لكان خيراً فإنك إذا دعوتني لهم ربما أجيت دعاءك فوقفتهم لطاعتي فترى سرورو عينك وقرتها في طاعتهم لي وإذا لعنتهم ودعوت عليهم وأجبت دعاءك فيهم لم يكن من كرمي إن آخذهم إلا بزيادة طغيانهم وكثرة فسادهم في الأرض وكل ذلك إنما كان بدعائك عليهم فكأنك أمرتهم بالزيادة في الطغيان الذي أخذناهم به فتنبه رسول الله عليه السلام لما أدبه به ربه فقال إن الله أدبني فأحسن تأديبي ثم صار يقول بعد ذلك اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون وقام ليلة كاملة إلى الصباح بقوله تعالى : إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم لا يزيد عليها فأين هذا من دعائه قبل ذلك على رعل وذكوان وعصية وعلى صناديد قريش اللهم عليك بفلان
١٨٥
اللهم عليك بفلان فاعلم ذلك فاقتد بنبيك في ذلك والله يتولى هداك (وقال بعض أهل المعرفة) نوح ون از قوم خود رنجيد بهلاك ايشان دعا كرد ومصطفى عليه السلام ون از قوم خود رنجيد بشفقت كفت اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٧١
واعلم إنه لا يجوز إن يدعى على كافر معين لأنا لا نعلم خاتمته ويجوز على الكفار والفجار مطلقاً وقد دعا عليه السلام، على من تحزب على المؤمنين وهذا هو الأصل في الدعاء على الكفارين رب اغفر لي} ذنوبي وهي ما صدر منه من ترك الأولى ﴿وَلَوْ كُنتُمْ فِى﴾ ذنوبهما أبو ملك بن متوشلخ على وزن الفاعل كمتد حرج أو هو بضم الميم والتاء المشددة المضمومة وفتح الشين المعجمة وسكون اللام وروى بعضهم الفتح في الميم وأمه سمخابنت انوش كانا مؤمنين قال ابن عباس رضي الله عنهما لم يكفر لنوح أب ما بينه وبين آدم وفي إشراق التواريخ أمه قسوس بنت كابيل وفي "كشف الأسرار" هيجل بنت لاموس ابن متوشلخ بنت عمه وكانا مسلمين على ملة إدريس عليه السلام وقيل المراد بوالديه آدم وحواء عليهما السلام ﴿وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِىَ﴾ أي نمزلي وقيل مسجدي فإنه بيت أهل الله وإن كان بيت الله من وجه وقيل سفينتي فإنها كالبيت في حرز الحوائج وحفظ النفوس عن الحر والبرد وغيرهما ﴿مُؤْمِنًا﴾ حالك ون الداخل مؤمناً وبهذا القيد خرت امرأته واعلة وابنه كنعان ولكن لم يجزم عليه السلام، بخروجه إلا بعد ما قيل له أنه ليس من أهلك ﴿وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَـاتِ﴾ بي أو من لدن آدم إلى يوم القيامة.
وكفته ندمراد ابن امت مرحومة اند.