وست سلطان وطفيل أو همه
اوست شاهنشاه وخيل اوهمه
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨
﴿وَلَن نُّشرِكَ﴾ بعد اليوم البتة أي بعد علمنا الحق ﴿بِرَبِّنَآ أَحَدًا﴾ حسبما نطق به ما فيه من دلائل التوحيد أي لا نجعل أحداً من الموودات شريكاً له اعتقادنا ولا نعبد غيره فإن تمام الإيمان إنما يكون بالبراءة من الشرك والكفر كما قال إبراهيم عليه السلام إني بريء مما تشركون فلكونه قرآناً معجزاً بديعاً موجب الإيمان به ولكونه يهدي إلى الرشد موجب قطع الشرك من أصله والدول في دين الله كله فمجموع قوله فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً مسبب عن مجموع قوله :﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْءَانًَا عَجَبًا * يَهْدِى إِلَى الرُّشْدِ﴾ ولذا عطف ولن
١٨٩
تشرك بالواو مع أن الظاهر الفاء وإنه تعالى جدر بنا} بالفتح وكذا ما بعده من الجمل المصدرة بأن في أحد عشر موضعاً عطف على أنه استمع فيكون من جملة الكلام الموحى به على أن الموحى عين عبارة الجن بطريق الحكاية كأنه قيل قل أوحي إلى كيت وكيت وهذه العبارات فندفع ما قيل من إنك لو عطفت وإنا ظننا وإنا سمعنا وإنه كان رجال وإنا لمسنا وشبه ذلك على أنه استمع لم يجز لأنه ليس مما أوحى إليه وإنما هو أمر أخبروا به عن أنفسهم انتهى.
ومن قرأ بالكسر عطف على المحكي بعد القول وهو الأظهر لوضوح اندراج الكل تحت القول وقيل في الفتح والكسر غير ذلك والأقرب ما قلناه والمعنى وإن الشأن ارتفع عظمة ربنا كما تقول في الثناء وتعالى جدك أي ارتفع عظمتكم وفي إسناد التعالي إلى العظمة مبالغة لا تخفي من قولهم جد فلان في غني أي عظم تمكنه أو سلطانه لأن الملك والسلطنة غاية العظمة أو غناه على أنه مستعار من الجد الذي هو البخت والدولة والحظوظ الدنيوية سواء استعمل بمعنى الملك والسلطان أو بمعنى الغنى فإن الجد في اللغة كما يكون بمعنى العظمة وبمعنى أب الأب وأب الأم يكون بمعنى الحظ والبخت يقال رجل مجدوداي محظوظ شبه سلطان الله وغناء الذتيان الأزليان ببخت الملوك والأغنياء فأطلق اسم الجد عليه استعارة ﴿مَا اتَّخَذَ صَـاحِبَةً وَلا وَلَدًا﴾ بيان الحكم تعالى جده كأنه قيل ما الذي تعالى عنه فقيل ما اتخذ أي لم يختر لنفسه لكمال تعاليه زوجة ولا بنتا كما يقول الظالمون وذلك إنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان تنبهوا للخطأ فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بحلقه في اتخاذ الصاحبة والولد فاستعظموه ونزهوه تعالى عنه لعظمته ولسلطانه أو لغناه فإن الصاحبة تتخذ للحاجة إليها والولد للتكثير وإبقاء النسل بعد فوته وهذه من لوازم الإمكان والحدوث وأيضاً هو خارج عن دائرة التصور ولإدراك فكيف يكفيه أحد فيدخله تحت جنسح تى يتخذ صاحبة من صنف تحته أو ولداً من نوع يماثله وقد قالت النصارى أيضاً المسيح ابن الله واليهود عزير ابن الله وبعض مشركي العرب الملائكة بنات الله ويلزم من كون المسيح ابن الله على ما زعموا أن تكون مريم صاحبة له ولذا ذكرا لصاحبة يعني أن الولد يقتضي الأم التي هي صاحبة الأب الدالد واشار بالصاحبة إلى النفس وبالولد إلى القلب فيكون الروح كالزوج ولأب لهما وهو في الحقيقة مجرد عن كل علاقة وإنما تعلق بالبدن لتظهر قدرة الله وأيضاً ليستكمل ذاته من جهة الصفات
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨
﴿وَأَنَّهُ﴾ أي الشأن ﴿كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا﴾ أي جاهلنا وهو إبليس أو مردة الجن فقوله سفيهنا للجنس والظاهر أن يكون إبليس من الجن كما قال تعالى كان من الجن ففسق عن أمر ربه والسفه خفة الحلم أو نقيضه أو نقيضه أو الجهال كما في "القاموس" وقال الراغب : السفه خفة في البدن واستعمل في خفة النفس لنقصان العقل وفي الأمور الدنيوية والأخروية والمراد به في الآية هو السفه في الدين الذي هو السفه الأخروي كذا في "المفردات".
﴿عَلَى اللَّهِ﴾ متعلق بيقول أورد على لأن ما قالوه عليه تعالى لا له ﴿شَطَطًا﴾ هو مجاوزة الحد في الظلم وغيره وفي المفردات الإفراط في البعد أي قولاً ذا شطط أي بعد عن القصد ومجاوزة الحد أو هو شطط في نفسه لفرط بعده عن الحق فوصف بالمصدر للمبالغة والمراد به نسبة الصاحبة والولد إليه تعالى وفي الآية إشارة إلى
١٩٠