أي الموصوفون بصلاح الحال في شأن أنفسهم وفي معاملتهم مع غيرهم أو ما يكون إلى الخير والصلاح حسبما تقتضية الفطرة السليمة لا إلى الشر والفساد كما هو مقتضى النفوس الشريرة والقصر ادعائي كأنهم لم يعتدوا بصلاح غير ذلك البعض فالصالحون مبتدأ ومنا خبره المقدم والجملة خبران ويجوز أن يكون الصالحون فاعل الجار والمجرور الجاري مجرى الظرف لاعتماده على المبتدأ ﴿وَمِنَّا دُونَ ذَالِكَ﴾ أي قوم دون ذلك في الصلاح فحذف الموصوف لأه يجوز حذف هذا الموصوف في التفصيل بمن حتى قالوا منا ظعن ومنا أقام يريدون منا فريق ظعن ومنا فريق ام ودون ظرف وهم المقتصدون في صلاح الحال على الوجه المذكور غير الكاملين فيه لا في الإيمان والتقوى كما توهم فإن هذا ببيان لحالهم قبل استماع القرآن كما يعرب به عنه قوله تعالى :﴿كُنَّا طَرَآاـاِقَ قِدَدًا﴾ وإما حالهم بعد استماعه فسيحكى بقوله وإنا لما سمعنا اهدى إلى قوله وإنا منا لمسلمون أي كنا قبل هذا طرائق في اختلاف الأحوال فهو بيان للقسمة المذكورة وقدر المضاف لامتناع كون الذوات طرائق قالوا في الجن قدرية ومرجئة وخوارج وروافض وشيعية وسنية قال في "المفردات" جمع الطرق طرق وجمع الطرق طرائق والظاهر أن الطرائق جمع طريقة كقصائد جمع قصيدة ثم قال وقوله تعالى : كنا طرائق قددا إشارة إلى اختلافهم في درجاته كقوله هم درجات والطريق الذي يطرق بالأرجل أي يضرب ومنه استعير كل مسلك يسلكه الإنسان في فعل محموداً كان أو مذموماً وقيل طريقة من النخل تشبيهاً بالطريق في الامتداد والقد قطع الشيء طولاً والقد المقدود ومنه قيل لقامة الإنسان قد كقولك تقطيعة والقدة كالقطعة يعني إنها من القد كالقطعة من القطع وصفت الرائق بالقدد لدلالتها على معنى التقطع والتفرق وفي "القاموس" القدة الفرقة من الناس هوى كل واحد على حدة ومنه كنا طرائق قددا أي فرقاً مختلفة أهواءها وقد تعددوا قال القاشاني : وإنا منا الصالحون كالقوى المدبرة لظنام المعاش وصلاح البدن ومنادون ذلك من المفسدت كالوهم والغضب والشهوة والمعاملة بمقتضى هوى النفس والمتوسطات كالقوى النباتية الطبيعية كنا ذوي مذاهب مختلفة لكل طريق ووجهة مما عينه الله ووكله به قال بعض المفسرين المراد بالصالحين السابقون بالخيرات وبما دون ذلك أي أدنى مكان منهم المقتصدون الذين خلطا عملاً صالحاً وآخر سيئاً وإما الظالمون لأنفسهم فمندرج في قوله تعالى [الجن : ١١-٥]﴿كُنَّا طَرَآاـاِقَ قِدَدًا﴾ فيكون تعميماً بعد تخصيص على الاستئناف ويحتمل أن يكون
١٩٤
دون بمعنى غير فيندرج القسمان الأخيران فيه وإنا ظننا}
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨
أي علمنا الآن بالاستدلال والتفكر في آيات الله فالظن هنا بمعنى اليقين لأن الإيمان لا يحصل بالظن ولأن مقصودهم ترغيب أصحابهم وترهيبهم وذا بالعلم لا بالظن كما قال عليه السلام أنا النذير العريان ﴿إِنْ﴾ أي إن لشان ﴿لَّن نُّعْجِزَ اللَّهَ﴾ عن إمضاء ما أراد بنا كائنين ﴿فِى الأرْضِ﴾ أينما كنا من أقطارها فقوله في الأرض حال من فاعل نعجز والإعجاز عاجز كردن ﴿وَلَن نُّعْجِزَه هَرَبًا﴾ قوله هرباً حال من فاعل لن نعجز أي هاربين من الأرض إلى السماء وإلى الجار وإلى جبل قاف أو لن نعجزه في الأرض إن أراد بنا أمراً ولن نعجزه هرن طلبنا فالقرار من موضع إلى موضع وعدمه سين في أن شيئاً منهما لا يفيد فواتنا منه ولعل الفائدة في ذكر الأرض حينئذٍ الإشارة إلى أنها مع سعتها وانبساطها ليست منجى منه تعالى ولا مهرباً ﴿وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى﴾ أي القرآن الذي يهى للتي هي أقوم ﴿بِه فَمَن﴾ من غير تأخير وتردد ﴿فَمَنا يُؤْمِن بِرَبِّهِ﴾ وبما أنزله من الهدى ﴿فَلا يَخَافُ﴾ أي فهو لا يخاف فالكلام في تقدير مبتدأ وخبر ولذلك دخلت الفاء ولولا ذلك اليل لا يخف وفائدة رفع الفعل ووجوب إدخال الفاء إنه دال على تحقيق إن المؤمن تاج لا محالة وإنه المختص ب
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨


الصفحة التالية
Icon