ذلك دون غيره ﴿بَخْسًا﴾ أي نقصاً في الجزاء ﴿وَلا رَهَقًا﴾ ولا ترهقه ذلة وتغشاه أو جزاء بخس ولا رهق أي ظلم إذ لم يبخس أحداً حقاً ولا رهق أي ظلم أحداً فلا يخاف جزاءهما فويه دلالة على أن من حق من آمن بالله أن يجتنب المظالم ونمه قوله عليه السلام المؤمن من أمته الناس على أنفسهم وأموالهم قال الواسطي رحمه الله حقيقة الإيمان ما أوجب الأمان فمن بقي في مخاوف المرتابين لم يبلغ إلى حقيقة الإيمان ﴿وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ﴾ أي بعد استماع القرآن ﴿وَمِنَّا الْقَـاسِطُونَ﴾ الجائرون عن طريق الحق الذي هو الإيمان والطاعة فالقاسط الجائر لأنه عادل عن الحق والمقسط العادل لأنه عادل إلى الحق يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل وقد غلب هذا الاسم أي القاسط على فرقة معاوية ومنه الحديث خطاباً لعلي رضي الله عنه (تقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين) فالناكثون أصحاب عائشة رضي الله عنها فإنهم الذين نكثوا البيعة أي نقضوها واستنزلوا عائشة وساروا بها إلى البصرة على جمل اسمه عسكر ولذا سميت الوقعة يوم الجمل والقاسطون أصحاب معاوية لأنهم قسطوا أي جاروا حين حاربوا الا م الحق والوقعة تعرف بيوم صفين والمارقون الخوارج فإنهم الذين مرقوا أي خرجوا من دين الله واستحلوا القتال مع خليفة رسول الله عليه السلام وهم عبد الله بن وهب الراسي وحرقوص بن زهير ابجلي المعروف بذي الثدية وتعرف تلك الواقعة بيوم النهروان هي من أرض العراق على أربعة فراسخ من بغداد ﴿فَمَنْ أَسْلَمَ﴾ س هركه كردن نهاد امر خدايرا همنانه ما كرده ايم قال سعدى المفتي يجوز أن يكون من كلام الجن ويجوز أن يكون مخاطبة من الله لرسوله ما فيما بعده من الآيات فأولئك إشارة إلى من أسلم والجمع باعتبار المعنى ﴿تَحَرَّوْا﴾ التحري في الأصل طلب الآحرى والأليق قولاً أو فعلاً أي طلبوا وقصدوا ﴿رَشَدًا﴾ يقال رشد كنصر وفروح رشداً ورشداً شاداً اهتدى كما في "القاموس"
١٩٥
أي اهتداء عظيماً إلى طريق الحق والصواب يبلغهم إلى دار الثواب فتحرى الرشد مجاز عن ذلك بعلاقة السببية وبالفارسية قصد كرده انذدراه راست وازان بمقصد خواهندرسيد.
ودل على أن للجن ثواباً على أعمالهم لأنه ذكر سبب الثواب وموجبه وقد سبق تحقيقه ﴿وَأَمَّا الْقَـاسِطُونَ﴾ الجائرون عن سنن الهدى ﴿فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا﴾ الحطب ما يعد للإيقاد أي حطباً توقد بهم كما توقد بكفرة الأنس.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨
روى) إن الحجاج قال لسعيد بن جبير حين أراد قتله ما تقول في قال إنك قاسط عادل فقال الحاضرون ما أحسن ما قال حسبوا إنه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج يا جهلة جعلني جاهلاً كافراً وتلا قوله تعالى وإما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً وقوله تعالى :﴿ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ﴾ وأسند بعضهم قول سعيد إلى امرأة كما قال في الصحاح ومنه قول تلك المرأة للحجاج إنك قاسط عادل فيحتمل التوارد وإن لو استقاموا} أن مخففة من الثقيلة والجملة معطوفة قطعاً على أنه استمتع والمعنى وأوحى إلى أن الشان لو استقام الجن أو الأنس أو كلاهما ﴿عَلَى الطَّرِيقَةِ﴾ التي هي ملة الإسلام ﴿لاسْقَيْنَـاهُم مَّآءً غَدَقًا﴾ الاسقاء والسقي بمعنى وقال الرغب السقي والسقيا هو أن تعطيه ماء ليشرب والإسقاء أن تجعل له ذلك له حتى يتناوله كيف شاء كما يقال اسقيته نهراً فالإسقاء أبلغ وغدق من باب علم إذا غزر وصف الماء به للمبالغة في غزارته كرجل عدل وتخصيص الماء الكثير بالذكر لأنه أصل السعة وإن كان أصل المعاش هو أصل الماء لا كثرته ولعزة وجوده بين لعرب قال عمر رضي الله عنه إينما كان الماء كان العشب وأينما كان العشب كان المال وأينما كان المال كانت الفتنة والمعنى لأعطيناهم مالاً كثيراً وعيشاً رغداً ووسعنا عليهم الرزق في الدنيا وبالفارسية هرآيينه بدهيم ايشان را آب بسيار بعد ازتثل سالي يعني روزي برايشان فراخ كردانيم.
وفيه دلالة على أن الجن يأكلون ويشربون وليكن فيه تفصيل وقد سبق وقال بعض أهل المعرفة المراد بالاستقامة على الطريقة هو القيام على سبيل السنة والميل إلى أهل الصلاح وبالإسقاء الإفاضة على قلوبهم ماء الوداد ﴿لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لتختبرهم في ذلك الإسقاء والتوسيع كيف يشكرونه كما قال تعالى :﴿وَبَلَوْنَـاهُم بِالْحَسَنَـاتِ﴾ أوفى ذلك الماء والمآل واحد.
(وقال الكاشفي) تبيارز ماييم ايشانرادر آن زندكانى كه بوظائف شكر كونه قيام نمايند.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨