وفي التأويلات النجمية : أي من حيث وجوده المضاف إليه كما قال إنك لا تهدي من أحببت وأما من حيث وجوده الحق المطلق فإنه يملك الضر والرشد كقوله :[الشورى : ٥٢-٩٦]﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ قال القاشاني : أي غياً وهدى إنما الغواية والهداية من الله إن سلطني عليكم تهتدوا بنوري وإلا بقيتم في الضلال ليس في قوتي إن أقسركم على الهداية قل إني لن يجيرتي} ينقذني ويخلصني ﴿مِنَ اللَّهِ﴾ من قهره وعذابه إن خالفت أمه وأشركت به ﴿أَحَدٌ﴾ إن استنقذته أو لن ينجيني منه إحدان أرادني بسوء قدره على من مرض أو موت أو غيرهما قال بعضهم هذه لفظة تدل على الإخلاص في التوحيد إذا التوحيد هو صرف النظر إلى الحق لا غير وهذا لا يصح إلا بالإقبال على الله والإعراض عما سواه والاعتماد عليه دون ما عداه ﴿وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِه مُلْتَحَدًا﴾ يقال ألحد في دين الله والتحد فيه أي مال عنه وعدل ويقال للملجأ الملتحد لأن اللاجىء يميل إليه والمعنى ولن أجد عند الشدائد ملتجأ غيره تعالى وموئلاً ومعد فلا ملجأ ولا موئل ولا معدل إلا هو وهذا بيان لعجزه عليه السلام، عن شؤون نفسه بعد بيان عجزه عن شؤون غيره أي وإذ لا أملك لنفسي شيئاً فكيف أملك لكم شيئاً ﴿إِلا بَلَـاغًا مِّنَ اللَّهِ﴾ استثناء متصل منقوله لا أملك أي من مفعوله فإن التبليغ إرشاد ونفع وما بينهما اعتراض مؤكد لنفي الاستطاعة عن نسه فلا يضر طول الفصل بينهما وفائدة الاستثناء المبالغة في توصيف نفسه بالتبليغ لدلالته على إنه لا يدع التبليغ الذي يستطيعه لتظاهرهم على عدوانه وقوله من الله صفة بلاغاً أي بلاغاً كائناً منه وليس متعلقاً بقوله بلا ً لأن صلة التبليغ في المشهور إنما هي كلمة عن دون من وبلاغاً واقع موقع التبليغ كما يقع السلام والكلام موقع التسليم والتكليم أو استثناء من قوله ملتحداً أي لن أجد من دونه تعالى منجى إلا أن أبلغ عنه ما أرسلني به فهو حينئذٍ منقطع فإن البلوغ ليس ملتحداً من دون الله لأنه من الله وبإعانته وتوفيقه ﴿وَرِسَـالَـاتِهِ﴾ عطف على بلاغاً بإضمار المضاف وهو البلاغ أي لا أملك لكم إلا تبليغاً كائناً منه تعالى وتبليغ رسالاته التي أرسلني بها يعني الآن أبلغ عن الله وقول قال الله كذا ناسياً للماقلة إليه وإن
١٩٩
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨
أبلغ رسالاته التي أرسلني بها من غير زيادة ولا نقصان وقال سعدي المفتي لعل المراد من بلاغاً من الله ما هو ما يأخذه منه تعالى بلا واسطة ومن رسالاته ما هو با انتهى والمراد بالرسالة هو ما أرسل الرسول به من الأمور والأحكام والأحوال لا معنى المصدر والظاهر أن المراد إلا التبليغ والرسالة من الله تعالى وجمع الرسالة باعتبار تعدد ما أرسل هو به ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في الأمر بالتوحيد بأن لا يمتثل أمرهما به ودعوتهما إليه فيشرك به إذ الكلام فيه وهو يصلح أن يكون مخصصاً للعموم ف متمسك للمعتزلة في الآية على تخليد عصاة المؤمنين في النار ﴿فَإِنَّ لَه نَارَ جَهَنَّمَ خَـالِدِينَ فِيهَآ﴾ أي في النار أو في جهم والجمع باعتبار المعنى ﴿أَبَدًا﴾ بلا نهاية فهو دفع لأن يراد بالخلود المكث الطويل ﴿حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ﴾ اية لمحذوف يدل عليه الحال من استضعاف الكفار لأنصاره عليه السلام، ولاستقلالهم لعددهم حتى قالوا هم بالإضافة إلينا كالحصاة من جبال كأنه قيل لا يزالون على ما هم عليه حتى إذا رأوا ما يوعدون من فنون العذاب في الآخرة ﴿فَسَيَعْلَمُونَ﴾ حينئذٍ عند حلوله بهم ﴿مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا﴾ أي فسيعلمون الذي هو أضعف وأقل أهم أم المؤمنون فمن موصولة وأضعف خبر مبتدأ محذوف ويجوز أن تكون استفهامية مرفوعة بالابتداء وأضعف خبره والجملة في موضع نصب سدت مسد مفعولي العلم وناصرا وعدداً منصوبان على التمييز وحمل بعضهم ما توعدون على ما رأوه يوم بدر وأيا ما كان ففيه دلالة على أن الكفار مخذولون في الدنيا والآخرة وإن كثروا عدداً وقووا حسداً لأن الكافرين لا مولى لهم وإن المؤمنين منصورون في الدارين وإن قلوا عدداف وضعفوا جسداً لأن الله مولاهم والواحد على الحق هو السود الأعظم فإن نصره ينزل من العرش (قال الحافظ) :
تيغى كه اسمانش ازفيض خود دهد آب
تنها جهان بكيردبى منت ساهى
كتاب تفسير روح البيان ج١٠ من ص٢٠٠ حتى ص٢٠٩ رقم٢١
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٨٨


الصفحة التالية
Icon