جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣
يقول الفقير : سورة المزمل مما نزل في أوائل النبوة فكان قوله إنا سنلقى عليك قولاً ثقيلاً يشير إلى مدة الوحي الباقية لأن حروفه مع اعتبار النون المدغم فيها ونوني التنوين اثنان وعشرون فالسين دل على الاستقبال ومجموع الحروف
٢٠٨
على المدة الباقية وجعل القرآن حملاً ثقيلاً لأن عليه السلام بعث لتتميم مكارم الأخلاق ولا شك أن ما كان أجمع كان أثقل والله تعالى أعلم بمراده وأيضاً أن كون القول ثقيلاً إنما هو بالنسبة إلى النفس الثقيلة الكثيفة لتراكم حجبها وبعدها عن درك الحق وإما بالنسبة إلى النفس الخفيفة اللطفية فخفيف ولطيف ولذا كان تعب التكاليف مرفوعاً عن الكمل فهم يجدون العبادات كالعادات في رتفاع الكلفة وفي الذوق والحلاوة ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ﴾ أي النفس التي تنشأ في الليل من مضجعها إلى العبادة أي تنهض من نشأ من مكانه إذا نهض فالموصوف محذوف والإضافة للملابسة بمعنى النفس الناشئة في الليل ﴿هِىَ﴾ خاصة ﴿أَشَدُّ وَطْـاًا﴾ أي كلفة وثقلاً مصدر قولك وطئى الشيء أي داسه برجله أو جعل عليه ثقهل فإن النفس القائمة بالليل إلى العبادة أشد وطئاً من التي تقوم بالنهار فلا بد من قيام الليل فإن أفضل العبادات أشقها فالوطىء مصر من المبني للمفعلو لأن الواطىء الذي يلقى ثقله على العابد هو العبادة في الليل فيكون العابد بالليل أشد موطو أله من العابد بالنهار ووطئاً نصب على التمييز ويجوز أن يكون معنى أشد ووطئاً أشد ثبت قدم واستقرارها فيكون المقصود بيان وجه اختيار الليل وتخصيصه بالأمر بالقيام فيه من حيث إنه تعالى جعل الليل لبساً يستر الناس ويمنعهم عن الاضطراب والانقلاب في اكتساب امعاش وجعل النهار معاشاً يباشرون فيه أمور معاشهم فلا تثبب فيه أقدامهم للعبادة ﴿وَأَقْوَمُ قِيلا﴾ اسم من القول بمعناه بقلب الواو ياء أي أزيد من جهة السداد والاستقامة في المقال ومن جهة الثبات والاستقرار على الصواب يعني خواندن قرآن درو بصوا بتراست كه دل فارغ باشد وأصوات ساكن وزبان بادل موافقت نمايد بزبان مى خواند وبدل تفكر ميكند.
اموش شد عالم بشب تاجست باشى در طلب
زيراكه بنك عربده تشويش خلوتخانه بود
كتاب تفسير روح البيان ج١٠ من ص٢٠٩ حتى ص٢٢١ رقم٢٢
ويحتمل أن تكون ناشئة الليل بمعنى قيام الليل عى أن الناشئة مصدر من نشأ كالعافية بمعنى العفو وهذا وافق لسان الحبشة حيث يقولون نشأ إذا قام أو يكون بمعنى العبادة التي تنشأ بالليل أي تحدث فيكون الوطىء مصدراً من المبنى للفاعل فإن كل واحد من قيام الليل ومن العبادة التي تحدث فيه ثقيلان على العابد من قيام النهار والعبادة فيه فمعنى أشد وطئاً أقل وأغلظ على المصلى من صلاة النهار فيكون أفضل يعني آن سخت تراست ازجهت رنج وكلفت ه ترك خواب وراحت برنفس بغايت شاق است.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣
ويحتمل أن يكون المراد بناشئة الليل ساعاته فإنها تدث واحدة بعد واحدة أي ساعات الليل الناشئة أي الحادثة شيئاً بعد شيء فتكون الناشئة صفة ساعات الليل فتكون أشد وطئاً أي بملاحظة القيام فيها من ساعات النهار لكن ابن عباس رضي الله عنها بما كان بعد النوم فلو لم يتقدمها نوم لم تكن ناشئة وفي قوت القلوب أن يصلي بين العشاءين ما تيسر إلى يغيب الشفق الثاني وهو البياض الذي يكون بعد ذهاب الحمرة ويل غسق الليل وظلمته لأنه
٢٠٩
آخر ما يبقى من شعاع الشمس في القطر الغربي إذا قطعت الأرض العليا ودارت من وراء جبل قاف مصعدة تطلب المشرق فهذا الوقت هو المستحب لصلاة العشاء الآخرة وهو آخر اورد الأول من أوراد الليل والصلاة فيه ناشئة الليل أي ساعته لأنها أول نشوء ساعاته وقرأ ابن عامر وأبو عمرو وطاء بلكسر والمد من المواطأة بمعنى الموافقة فإن فسرت الناشئة بالنفس الناشئة كان المعنى إنها أشد من جهة موافقة القلب الكائن لها لسانها وإن فسرت بالقيام أو العبادة أو الساعات كان المعنى إنها أشد من جهة موافقة قلب القائم لسانه فيها أو من جهة كونها موافقة لما يراد من الخشوع والإخلاص وعن الحسن رحمه الله أشد موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق ﴿إِنَّ لَكَ فِى النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا﴾ أي تقلباً وتصرفاً في مهما تك كتردد السابح في الماء واشتغالاً بشواغلك فلا تستطيع أن تتفرغ للعبادة فعليك بها في الليل وهذا بيان للداعي الخارجي إلى قيام الليل بعد بيان ما في نفسه من الداعي قال الراغب : السبح المر السريع في الماء أو في الهواء استعير لمر النجوم في الفلك كقوله تعالى وكل في فلك يسبحون ولجري الفرسك قوله تعالى فالسابحات سبحاً ولسرعة الذهاب في العمل كقوله تعالى إن لك في النهار سبحاً طويلاً وفي تاج المصادر السبح تصرف كردن در معيشت.


الصفحة التالية
Icon