وفي بعض التفاسير قيل السباحة لما فيها من التقلب باليد والرجل في الماء وقيل معنى الآية إن فإنك من الليل شيء فلك في النهار فراغ تقدر على تداركه فيه حتى لا ينقص شيء من حظك من المناجاة لربك ويناسبه قوله عليه السلام من نام عن حزبه أو عن شيء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل ومن أقوال المشايخ إن المريد الصادق إذا فاته ورد من أوراده يليق به أن يقضيه ولو بعد شهر حتى لا تتعود النفس بالكسل فالورد من الشؤون الواردة عن الرسول عليه السلام وأخيار أمته ومن لا ورد له أي وارد خاص بالخواص وفي قوت القلوب من فاته ورد من الأوردا استحب له فعل مثله متى ذكره لا على وجه القضاء لأنه لا تقضي إلا الفرائض ولكن على سبيل التدارك ورياضة النفس بذلك ليأخذ بالعزائم كيلا يعتاد الرخص ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ ودم على ذكره تعالى ليلاً ونهاراً على أي وجه كان من تسبيح وتهليل وتحميد وصلاة وقراءة قرآن ودراسة علم خصوصاً بعد صلاة الغداة وقبل غروب الشمس فإنهما من ساعات الفتح والفيض وذكر الله على الدوام من وظائف المقربين سواء كان قلباً أو لساناً أو أركاناً وسواء كان قياماً أو قعودا أو على النوب وبالفارسية ويا دكن روردكار خودرا وبأسماء حسنى اورا بخوان.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣
قال عليه السلام من أحصاها أي حصلها دخل الجنة فالمراد من ذكر اسمه فذكره تعالى بواسطة ذكر اسمه ولذا قال تعالى :﴿وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ فالذكر والنسيان في الحقيقة كلاهما من صفات القلب وعند تجلى المذكور يفنى الذكر والذاكر كما قال شيخي وسندى روح الله روحه في شرح تفسير الفاتحة للقنوى قدس سره من اشتغل من الأسماء المجازية بما يسر الله الاشتغال به وداوم عليه فلا ريب إنه يحصل بينه وبين سر هذا الاسم المشتغل به وروحه بعناية الله وفضله مناسبة ما بقدر الاشتغال ومتى قويت تلك المناسبة
٢١٠
بينهما وكملت بحسب قوة الاشتغال وكماله يحصل بينه وبينه هذا الاسم الحقيقي بجود الحق سبحانه وعطائه يحصل بينه وبين مسماه الحق تعالى مناسبة بمقدار المناسبة الثانية من جهة القوة والكمال لأن العبد بسبب هذه المناسبة يغلب قسه على دنسه ويصير مناسباً لعالم القدس بقدر ارتفاع حكم الدنس فحيئذٍ تجلى الحق سبحانه له من مرتبة ذلك الاسم بحسيها وبقدر استعداده ويفيض عليه ما شاء من العلوم والمعارف والأسرار الإلهية والكونية إما من الوجد العام وطريق سلسلة ترتيب المراتب والحضرات وغيرها من الوسائط والأسباب والأدوات والمواد المعنوية والصورية وإما من الوجه الخاص بدون الوسائل والأغبار أو منهما معاً جميعاً إذ وجه إما هذا أو ذاك لا غيرهما غير نسبة الجمع بينهما وقال بعضهم في الآية إذا أردت قراءة القرآن أو الصلاة فقل بسم الله الرحمن الرحيم وقال القاشاني واذكر اسم ربك الذي هو أنت أي اعرف نفسك واذكرها ولا تنسها فينساك الله واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها.
(وتبتل إليه تبتيلاً) : التبتل الانقطاع وتبتيل دل ازدنيا بريدن.
والمعنى وانقطع إلى ربك انقطاعاً تاماً بالعبادة وإخلاص والية والتوجه الكلي كما قال تعالى : قل الله ثم ذرهم وبالفارسية يعني نفس خودرا از انديشه ما سوى الله مجرد ساز واز همكى روى بردار.
دل در وبند واز غيرش بكسل
هره جز اوست برون كن از دل
وليس هذا منافياً لقوله عليه السلام لا رهبانية ولا تبتل في الإسلام فإن التبتل هنا هو الانقطاع عن النكاح ومنه قيل لمريم العذراء رضي الله عنها البتول أي المنقطعة عن الرجال والانقطاع عن النكاح ومنه قيل لمريم العذراء رضي الله عنها البتول أي المنقطعة عن الرجال والانقطاع عن النكح والرغبة عنه لقوله تعالى : وأنكحوا الأيامى ومنكم وقوله عليه السلام : تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة وإما إطلاق البتول على فاطمة الزهراء رضي الله عنها فلكونها شبيهة بسيدة نساء بني إسرائيل في الانقطاع عما سوى الله لا عن النكاح وقيل تبتلا مكان تتتلا لأن معنى تبتل بتل نفسه فجييء به على معناه مراعاة الحق الفوصال لأن حظ القرآن من حسن النظم والرصف فوق كل حظ وقال بعضهم : لما لم يكن الانقطاع الكلى إلى بتجريد النبي عليه السلام نفسه عن العوائق الصادة عن مراقبة الله وقطع العلائق عما سواه قيل تبتلا مكان تبتلا فيكون انظم من قبيل الاختياك كما في قوله تعالى : والله أنبتكم من الأرض نباتاً على وجه وهو أن التقدير أنبتكم منها إنباتاً فنبتم نباتاً وكذا التقدير ههنا أي تبتل إليه تبتلا يبتلك عما سواه تبتيلا والأنسب يبتلك ربك تبيتلا فإن التبتيل فعل الله فلا يحصل للعبد إلا بمعاونته.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣