والثاني : قوله السماء منفطر به لأن السماء على عظمتها وقوتها إذا انشقت بسبب ذلك اليوم فما ظنك بغرها من الخلاق فالباء للسببية، وهو الظاهر وتذكير الخبر لإجرائه على موصوف مذكر أي شي منفطر عبر عنها بذلك للتنبيه على إنه تبدلت حقيقتها وزال عنه اسمها ورسمها ولم يبق منها إلا ما يعبر عنه بالشيء وفي القاموس السماء معروف ويذكر ويجوز أن يكون الباء بمعنى في واليه، ذهب المكي في قوت القلوب حيث قال حروف العوامل يقوم بعضها مقام بعض وهذا مثال قوله تعالى : السماء منفطر به أي فيه يعني في ذلك اليوم وقيل الباء للآلة والاستعانة مثلها في فطرت العود بالقدوم فانفطر به يعني إن السماء ينفطر بشدة ذلك ليوم وهو له كما ينفطر الشيء بما يفطر به قال بعضهم اتخاذ الآلة والاستعانة لا يليق بناب الله تعالى ولا يناسب ذات السماء أيضاً كان وعده مفعولاً} الضميروإن لم يجر له ذكر للعلم به والمصدر مضاف إلى فاعله أي كان وعده تعالى أي يكون يوم القيامة على ما وصف من الشدائد كائناً متحققاً لأنه يخلف الميعاد فلا يجوز لعاقل أن يرتاب فيه أو الضمير لليوم ولمصدر مضاف إلى مفعوله والفاعل وهو الله مقدر قال في "الصحاح" الوعد يستعمل في الخير والشر فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير الوعد والعدة وفي الشر الإيعاد والوعيد ﴿إِنَّ هَـاذِهِ﴾ إشارة إلى الآيات المنطوية على القوارع المذكورة وهي من قوله إن لدينا إنكالاً إلى هنا ﴿تَذْكِرَةٌ﴾ موعظة لمن يريد الخير لنفسه والاستعداد لربه وبالفارسية ندى وعبرتيست.
قيل القرآن موعظة للمتقين وطريق للسالكين ونجاة للهالكين وبيان للمستبصرين وشفاء للمتحيرين وأمان للخائفين وأنس للمريدين ونور لقلوب العارفين وهدى لمن أراد الطريق إلى رب العالمين ﴿فَمَن شَآءَ﴾ من الملكفين.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣
يعني س هركه خواهد ازمكلفان ﴿اتَّخَذَ إِلَى رَبِّه سَبِيلا﴾ بالتقرب إليه بالإيمان والطاعة فإنه المنهاج الموصل إلى مرضاته ومقام قربه ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَىِ الَّيْلِ﴾ أي أقل منهما فإطلاق الأدنى على الأقل مجاز مرسل من قبيل إطلاق الملزوم على اللازم ما إن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما من الأحياز والحدود وإذا بعدت كثر ذلك روى إنه تعالى افترض قيام اللل في أول هذه السورة فقام النبي عليه السلام وأصحابه حولاً مع مشقة عظيمة من حيث إنه يعسر عليهم تمييز القدر الواجب حتى قام أكثر الصحابة الليل كله خوفاً من الخطأ في إصابة المقدار المفروض وصاروا بحيث انتفخت أقدامهم واصفرت ألوانهم وأمسك الله خاتمة السورة من قوله إن ربك الخل اثني عشر شهراً في السماء حتى أنزل الله في آخر السورة التخفيف فنسخ تقدير القيام بالمقادير المذكورة مع بقاء فرضية أصل التهجد حسبما تيسر ثم نسخ نفس الوجود أيضاً بالصلوات الخمس لما روى إن الزيادة على الصلوات الخمس زيادة ﴿وَنِصْفَه وَثُلُثَهُ﴾ بالنصب عطفاً على أدنى والثلث أحد أجزاء الثلثة والجمع أثلاث أي ك تقوم أقل من ثلثي الليل وتقوم من نصفه وثلثه ﴿وَطَآاـاِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ﴾ مروفع معطوف على الضمير في تقوم وجاز ذلك للفصل بينهما أي ويقوم معك طائفة من أصحابك ومن تبينية فلا دلالة فيه على أن قيام الليل لم يكن فرضاً على الجميع وحاصل المعنى يتابعك طائفة في قيام الليل وهم أصحابك وفيه وعدلهم بالإحسان
٢١٨
إليهم كما تقول لأحد إذا أردت لوعد له أعلم ما فعلت لي وفي قوت القلوب قد قرن الله تعالى قوام الليل برسوله المصطفى عليه السلام، وجمعهم معه في شكر المعاملة وحسن الجزاء.
وفي التأويلات النجمية : يشير إلى انسلاخ رسول القلب عن ليل طبيعته في أكثر الأوقات بالتوجه إلى الله والإعراض عن النفس إلا في أوقات قلائل وذلك لحكمة مقتضية للحجاب فإن الحجاب رحمة كما قيل لولا الحجاب ما عرف الآله وطائفة من الذين مع رسول القلب من القوى الروحانية والأعضاء والجوارح ﴿إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ﴾ وحده لا يقدر على تقديرهما ومعرفة مقادير ساعاتهما وأوقاتهما أحد أصلاً فإن تقديم الاسم الجليل مبتدأ وبناء يقدر عليه موجب للاختصاص قطعاً والتقدير بالفارسية اندازه كردن يعني وخداي تعالى اندازه ميكند شب وروز را وميداند مقادير ساعات آن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣