قال الراغب : التقدير تبيين كمية الشيء وقوله تعالى :[الأحزاب : ٣٧-٥٢]﴿وَاللَّهُ﴾ الخ إشارة إلى ما أجرى من تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل على إدخال هذا في هذا أوان ليس أحد يمكنه معرفة ساعاتهما وتوفية حق العبادة منهما في وقت معلوم والحاصل إن العالم بمقادير ساعات الليل والنهار على حقائقها هو الله وأتنم تعلمون ذلك بالتحري والاجتهاد الذي يقع فيه الخطأ فربما يقع منكم الخطأ في إصابتها فتقومون أقل من المقادير المذكورة ولذا قال علم} الله ﴿إِنْ﴾ أي إن الشأن ﴿لَّن تُحْصُوهُ﴾ لن تقدروا على تقدير الأوقات على حقائقها ولن تستطيعوا ضبط الساعات أبداً فالضمير عائد إلى المصدر المفهوم من يقدر قال في تاج المصادر الإحصاء دانستن وشمردن بر سبيل استقصا وتوانستن.
قال الراغب : الإحصاء التحصيل بالعدد وروى استقيموا ولن تحصوا أي لن تحصلوا ذلك لأن الحق واحد والباطل كثير بل الحق بالإضافة إلى الباطل كالنقطة بالإضافة إلى سائر أجزاء الدائرة وكالمرمى من الهدف وإصابة ذلك شديدة واحتج بعضهم بهذه الآية على وقوع تكليف ما لا يطاق فإنه تعالى قال لن تحصوه أي لن تطيقوه ثم إنه كلفهم بتقدير الساعات والقيام فيها حيث قال :﴿قُمِ الَّيْلَ﴾ الخ ويمكن أن يجاب عنه بأن المراد صعوبته لا إنهم لا يقدرون عليه أصلاً كما يقال لا أطيق أن أنظر إلى فلان إذا استثقل النظر إليه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٠٣
وفي التأويلات النجمية : يعني السلوك من ليل الطبيعة إلى نهار الحقيقة بتقدير الله لا بتقدير السالك علم أن لن تقدروا على مدة ذلك السلوك بالوصول إلى الله إذا لوصول مترتب على فضل الله ورحمته لا على سلوككم وسيركم فكم من سالك انقطع في الطريق ورجع القهقري ولم يصل كما قيل ليس كل من سلك وصل ولا كل من وصل اتصل ولا كل من اتصل اتفصل فتاب عليكم} بلترخيص على ترك القيام المقدر ورفع التبعة عن التائب ثم استعمل لفظ المشبه به في المشبه ثم اشتق منه فتاب أي فرخص والتبعة ما يترتب على الشيء من المضرة ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْءَانِ﴾ أي فصلوا ما تيسر لكم من صلاة الليل غير مقدرة بكونها في ثلث الليل أو نحوه ولو قدر حلب شاة فهذا كون أربع ركعات وقد يكون ركعتين عبر عن الصلاة بالقراءة كما عبر عنها بسائر أركانها على طريق إطلاق اسم الجزء على الكل مجازاً مرسلاً فتبين أن التهجد كان واجباً على التخيير المذكور فعسر عليهم القيام به فنسخ بهذه
٢١٩