(ومنها ما قال في كشف الأرار أن قوله بسم الله الرحمن الرحيم) تسعة عشر حرفاً وعدد الزبانية تسعة عشر ملكاً فيدفع المؤمن بكل حرف منها واحداف منهم وقد سبقت رحمته غضبه ومنها ما لاح لهذا الفقير قبل الإطلاع على ما في كشف الأسرار وهو أن عدد حروف البسملة عشر (كما قال المولى الجامي) :
نوزده حر فست كه هده هزار
عالم ازو يافته فيض عميم
ولما كانت البسملة آية الرحمة والكفار والفساق لم يقبله هذه الآية حيث سلكوا سبيل الكفر والمعاصي خلق الله في مقابلة كل حرف منها ملكاً من الغب الجلال وجعله آية الغضب كما جعل خازن الجنة آية الرحمة دل على ما قلنا قوله عليه السلام يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنيناً وهو أكبر الحيات بالفارسية ادر.
في فمه أنياب مثل اسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق أحمر العينين مثل الدم واسع الفم والجوف يبتلع الإنسان والحيوان وسره إه كفر بالله وبأسمائه الحسنى التي هي تسعة وتسعون فاستحق أن يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا بعددها في قبره اذي هو حفرة من حفر الينران فلا يلزم أن يسلط عليه ذلك العدد في النار فالتسع عدد القهر والحصر والانقراض لأنه ينقرض عن أهل النار امداد الرحمة الرحيمية.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣
ومنها ما في التأويلات النجمية : من أن اختلال النفوس البشرية بحسب العمل والعلم والدخول في جهنم البعد والطرد واللعن والحجاب والاحتجاب) مترتب على موجباتها وهي تسعة غير الحواس الخمس الطاهرة والخمس الباطنة وهي الأعضا والجوراح السبع التي ورد بها الحديث بقوله عليه السلام أمرت أن أسجد عى سبعة أعضاء وآراب والطبيعة البرية المشتملة على الكل المؤثرة في الكل بحسب الظاهر والباطن ويجوز أن تكون القوة الغضبية والشهوية بدل الطبيعة فصرا الكل تسعة عشر ﴿وَمَا جَعَلْنَآ أَصْحَـابَ النَّارِ﴾ أي المدبرين لأمرها القائمين بتعذيب أهلها فأصحاب النار هنا غير أصحاب النار في قوله تعالى :﴿لا يَسْتَوِى أَصْحَـابُ النَّارِ وَأَصْحَـابُ الْجَنَّةِ﴾ وفي كشف الأسرار وما جعلنا خزنة أصحاب النار فخذف المضاف انتهى.
وفيه بعد لأنهم خزنة النار لا خزنة أصحابها إلا ملائكة} ليخالفوا جنس المعذبين من الثقلين فلا يرقوا لهم ولا يميلوا إليهم فإن المجانسة مظنة الرأفة فلذا بعث الرسول من جنسنا ليرحم بنا ولأنهم أقوى الخلق وأقومهم بحق الله وبالغضب له تعالى وأشدهم بأساً وعن النبي عليه السلام لقوة أحدهم مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل فيرمى بهم في النار ويرمى بالجبل عليهم ويروى إنه لما نزل قوله تعالى :﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾ قال أبو جهل لقريش أيعجز كل عشرة مكم أن يبطشوا برجل منهم فقال أبو الأسود ابن أسيد بن كلدة الجمحي وكان شديد البطش والقوة حتى كان من قوته إنه إذا قام على أديم واجتمع جماعة على إزالة رجلية عنه لم يقدروا عليه فكانوا يشدون الأديم حتى يتقطع قطعاً ورجلاه على حالهما أنا أكفيكم سبعة عشر منهم فاكفوني أنتم
٢٣٣
اثنين فنزلت أي وما جعلناهم رجالاً من جنسكم يطاقون فمن ذا الذي يغب الملائكة والواحد منهم يأخذ أرواح جميع الخلق وللواحد منهم من القوة ما يقلب الأرض فيجعل عاليها سافلها.
وتمام آدميان طاقت دياريك فرشته تدارند تا بمقاومت كجا بسر آيند وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا} أي وما جعلنا عددهم إلا العدد الذي تسبب لافتتانهم ووقوعهم في الكفر وهو التسعة عشر فعبر بالأثر عن المؤثر أي بالفتنة عن العدد المخصوص تنبيهاً على التلازم بينهما وحمل الكلام على هذا لأن جعل من دواخل المبتدأ والخبر فوجب حمل مفعوله الثاني على الأول ولا يصح حمل افتتان الكفار على عدد الزبانية إلا بالتوجيه المذكور فإن عدتهم سبب للفتنة لا فتنة نفسها ثم ليس المراد مجرد جعل عددهم ذلك العدد المعين في نفس الأمر بل جعله في القرآن أيضاً كذلك وهو الحكم بأن عليها تسعة عشر إذ بذلك يتحقق افتتانهم باستقلالهم له واستبعادهم لتولى هذا العدد القليل أمر الجم الغفير واستهزائهم به حسبما ذكر وعليه يدور ما سيأتي من استيقان أهل الكتاب وازدياد المؤمنين إيماناً ﴿لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ﴾ متعلق بالجعل على المعنى المذكور والسين للطلب أي ليكتسبوا اليقين بنبوته عليه السلام وصدق القرآن لما شاهدوا ما فيه موافقاً لما في كتابهم وفي عين المعاني سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن خزنة النار وعددهم فأجاب عليه السلام بأنهم تسعة عشر.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣


الصفحة التالية
Icon