قال الراغبي : اللسفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالأعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه والأسفار يختص باللون نحو والصبح إذا أسفر أي أشرق لونه ووجهه وأسفروا بالفجر تؤجروا من قولهم اسفرت أي دخلت فيه نحو أصبحت وفي قوت القلوب الفجر الثاني هو انشقاق شفق الشمس وهو بريق بياضها الذي تحت الحمرة وهو الشفق الثاني على ضد غروبها لأن شفقها الأول من الشعءا هو الحمرة بعد الغروب وبعد الحمرة البياض وهو الشفق الثني من أول الليل وهو آخر سلطان شعاع الشمس وبعد اليبضا سواد الليل وغسقه ثم ينقلب ذلك على الضد فيكون بده طلوعها الشفق الأول وهو البياض وبعده الحمرة وهو شفقها الثاني وهو أول سلطانها من آخر الليل وبعده طلوع قرص الشمس فالفجر هو انفجار شعاع الشمس من الفلك الأسفل إذا ظهرت على وجه أرض الدنيا يستر عينها الجبال والبحار والأقاليم المشرفة العالية ويظهر شعاعها منتشراً إلى وسط الدنيا عرضاً مستطيراً انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣
قال الكاشفي) : اقسم بالقمر أي بالقلب المستعد الصافي القابل للإنذار المتعظ به المنتفع بتذكره تعظيماً وبليل ظلمه النفس إذ أد بري أي ذهب بانقشاع ظلمتها عن القلب بإشراق نورا لروح عليه وتلالي طوالعه وبصبح طلوع ذلك إذا أسفر فزالت الظلمة بكليتها وتنور القلب انتهى.
فظهر من هذا حسن موقع ذكر القمر والليل والصبح في مقام ذكر سقر ودواهيها لأن سقر إشارة إلى الطبيعة وجهنم النفس ﴿إِنَّهَا لاحْدَى الْكُبَرِ﴾ جواب للقسم والكبر جمع الكبرى جعت الف التأنيث كتائه وألحقت بها فكما جمعت فعلة على فعل كركبة وركب جمعت فعلى عليها وإلا ففعلى لا تجمع على فعل بل على فعالى كحبلى وحبالى والمعنى إن سقر لإحدى البلايا أو لإحدى الدواهي الكبر الكثيرة وهي أي سقر واحدة في العظم لا نظيرة لها كقولك إنه أحد الرجال هذا إذا كان منكر السقر وإن كان منكراً لعدة الخزنة فالمعنى إنها من إحدى الحجج أكبر نذيراً من قدرة الله على قهر العصاة من لدن آدم عليه السلام، إلى قيام الساعة من الجن والأنس حيث استعمل على تعذيبهم هذا العدد القليل وإن كان منكر الآيات فالمعنى إنها لإحدى الآيات الكبرى ﴿نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ﴾ نمييز من نسبة إحدى الكبر إلى اسم أن لأن معناه إنها من معظمات الدواهي التي خلقها الله للتعذيب فيصح أن ينتصب منه التمييز كما تقول هي إحدى النساء عفافاً والنذير مصدر كالنكير والمعنى لإحدى الكبر إنذاراً أي من جهة الإنذار أول مما دلت
٢٣٨
عليه الجملة أي معنى قوله إنها لإحدى الكبر أي كبرت مندرة وحذ التاء مع أن فعيلارً بمعنى فاعل يفرق فيه بين المذكر والمؤنث لكون ضمير إنها في تأويل العذاب أو لكون النذير بمعنى ذات إنذار على معنى النسب كقولهم امرأة ظاهر أي ذات طهارة ﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ﴾ بدل من للبشر بإعادة الجار وإن يتقدم مفعول شاء ومنكم حال من أي نذيراً لمن شاء منكم أن يسبق إلى الخير والجنة والطاعة فيهديه الله أو لم يشأ ذلك ويتأخر بالمعصية فيضله وفيه إشارة إلى أن لكسب العبد دخلاً في حصول المرحومية والمحرومية.
وفي التأويلات النجمية : اقسم بنور قمر الشريعة الزهراء وبظلمة ليل الطيعة الظلماء وبصبح الحقيقة البيضاء حين غلبت على غلس الطبيعة أن الجبود مظاهر إحدى هذه المراتب الكلية الكبرى أما أهل الشريعة وأما أهل الحقيقة وأما أهل الطبيعة وقوله نذيراً للبشر أي جعلنا الحصر في المراتب الثلاث الكلية ليتنبه الإنسان ويحترز أن يكون من أهل الإنذار لمن شاء منكم أن يتقدم إلى مقام الشريعة أو يتأخر إلى مقام الطبعة ولما كان مقام الحقيقة أعلى المرتب ولم يصل إليه إلا النذر من الكمل أعرض عن ذكره انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣


الصفحة التالية
Icon