وليس هذا في جميع الأحوال حتى يافيه نظرها إلى غيره من الأشياء الكثيرة والأولى إن التقديم للاهتمام ورعاية الفاصلة لأن التقييد ببعض الأحوال تقييد بلا دليل ومناف المقام المدح المقتضى لعموم الأحوال وغير مناسب لقوله وجوه يومئذٍ ناضرة لعمومه في الأحوال ولو سلم فاختصاص ادعائي فإن النظر إلى غيره في جنب النظر إليه لا يعد نظراً بل هو بمنزلة العدم ما في قوله : زيد الجواد هكذا قالوا ولكن من أهل الجنة من فاز بالتجلي الذاتي الأبدي الذي لا حجاب بعده ولا مستقر للكمل دونه وهو الذي إشار إليه عليه السلام بقوله صنف من أهل الجنة لا يستتر الرب عنهم ولا يحتجب وكان بذكره أيضاً في دعائه ويقوله وأسألك لذة النظر إلى وجهك الكريم أبداً دئماً سرمداً دون ضراء مضرة ولا فتنة مضلة فالراء المضرة حصول الحجاب بعد التجلي والتجلي بصفة تستلزم سدل الحجب والفتنة المضلة كل شبهة توجب خللاً أو نقصاً في العلم والشهود.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٣
آورده اند اورا دهريك ازاواد اين كلما تست اللهم إني أسألك النظرة إلى وجهك الكريم هركس ببهشت آرزويى دارد وعاشق جز آروزى ديدن ديدارندارد ير طريقت كفت بهره عارف دربهشت سه يزاست سماع وشراب وديدار سماع راكفت.
(فهم في روضة يحبرون) شراب راكفت (وسقاهم ربهم شراباً طهوراً) ديدار كفت (وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة) سماع بهره كوش شراب بره لب ديدار بهره ديده سماع واجدانرا شراب عاشقا نرا ديدار محبا نرا سماع طرب افزايد شراب زبان كشايد ديدار صفت ربايد سماع مطلبو را نقد كند شراب را زجلوه كند ديدارعارف را فرد كند سماع را هفت اندام رهى كوش ون ساقي اوست شراب همه نوش ديداررا زير هرموى ديده روشن.
ثم إن جميع أهل السنة حملوا هذه الآية على إنها متضمنة رؤية المؤمنينتعالى بلا تكييف ولا تحديد ولا يصح تأويل من قال لا ضرر ربها ونحوه وجعله الزمخشري كناية عن معنى التوقع والرجاء على معنى أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجون إلا إياه وجوابه إنه لا يعدل إلى الكناية بلا ضرورة داعية إليها وهي ههنا مفقودة فالأحاديث الصحيحة تدل عى تعين جانب الحقيقة وأما قوله عليه السلام : جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم الإراء الكبرياء على وجهه حيث إن المعتزلة قالوا إن الرداء حجاب بين المرتدي والنظارين فلا تمكن الرؤية فجوابه إنهم حجبوا عن أن المرتدي لا يحجب عن الحجاب إذ المراد بالوجه الذات وبرداء الكبرياء هو العبد الكامل المخلوق على الصورة الجامعة للحقائق الإمكانية والإلهية يعني رداء كبرياء نفس مظهرست ومشاهده ذات بدون مظهري محالست.
والرداء هو الكبرياء وإضفته للبيان والكبرياء رداؤه الذي يلبسه عقول العلماء بالله للتفهيم فلا رداء هناك حقيقة فالرتبة الحجابية باقية أبداً وهي رتبة المظهر لأنها كالمرآة وأما قوله عليه السلام :"حين سئل هل رأيت ربك ليلة المعراج" فقال نور أني أراه فمعناه إن النور المجرد لا تمكن رؤيته يعني إنما تتعذر الرؤية والإدراك باعتبار تجرد الذات عن المظاهر والنسب
٢٥١
والإضافات فأما في المظاهر ومن وراء حجابية المراتب فالإدراك ممكن ومن المعتزلة من فسر النظر بالانتظار وجعل قوله إلى أسماء مفرداً بمعنى النعمة مضافاً إلى الرب جمعه آلاء فيكون مفعولاً مقدماً لقوله ناظرة بمعنى منتظرة والتقدير وجوه يومئذ منتظرة نعمة ربها ورد بأن الانتظار لا يسند إلى الوجه سواء أريد به المعنى الحقيقي أو أريد به اعين بطريق ذكر المحل وإرادة الحال وتفسير الوجه بالذات وجملة الشخص خلاف الظاهر وبأن الانتظار لا يعدى بإلى أن جعل حرفاً وأخذه بمعنى النعمة في هذا المقام يخالف المعقول لأن الانتظار يعد من الآلام ونعيم الجنة حاضر لأهلها ويخالف المنقول أيضاً وهو أنه عليه السلام قال : أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسريره مسيرة ألف سنة يعني تاهزال ساله راه آنرا بيندوا كرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية يعني بمقدار ازان ثم قرأ عليه السلام وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة فقد فسر النظر بنظر العين والرؤية فظهر أن المخالف اتبع رأيه وهواه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٣