حكى) إن الحجاج أراد قتل شخص فقال له لي إليك حاجة قال ما هي قال أريد أن أمشي معك ثلاث خطوات ففعل الحجاج فقال الشخص حق هذه الصبحة أن تعفو عني فعفا عنه ووجوه يومئذٍ} يتعلق بقوله ﴿بَاسِرَةٌ﴾ أي شديدة العبوس مظلمة ليس عليها أثر السرور أصلاً وهي وجوه الكفرة والمنافقين، وقال الراغب : البسر الاستعجال بالشيء قبل أوانه فإن قيل فقوله :[القيامة : ٢٢-٢٥]﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَـاـاِذا بَاسِرَةٌ﴾ ليس يفعلون ذلك قبل الموت وقد قلت إن ذلك يقال فيما كان قبل وقته قيل إن ذلك إشارة إلى حالهم قبل الانتهاء بهم إلى النار فخص لفظ البسر تنبيهاً على أن ذلك مع ما ينالهم من بعد يجري مجرى التكلف ومجر ما يفعل قبل ومنه ويدل على ذلك قوله تعالى تظن} توقع أربابها بحسب الامارات والجملة خبر بعد خبرور جح أبو حيان والطيبي تفسير الظن بمعنى اليقين ولا ينافيه أن المصدرية كما توهم فإنها إنما لا تقع بعد فعل التحقق الصرف فأما بعد فعل الظن أو ما يؤدي معنى العلم فتجيء المصدرية والمشددة والمخففة نص عليه الرضى ﴿أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ داهية عظيمة تقصم فقار الظهر ومنه سمى الفقير فإن الفقر كسر فقار ظهره فجعله فقيراً أي مفقوراً وهو كناية عن غاية الشدة وعدم القدرة على التحمل فهي توقع ذلك كما تتوقع الوجوه الناضرة أن يفعل بها كل خير بناء على أن قضية المقابلة بين الآيتين تقتضي ذلك قال بعضهم : أصح آنست كه آن بلا حجابست ازرؤيت رب الأرباب.
(مصراع) كه از
٢٥٣
فراق بتردر جهان بلايى نيست.
وفي التأويلات النجمية :[القيامة : ٢٢-١٥]﴿وُجُوهٌ يَوْمَـاـاِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ لا إلى غيره بسبب الإعراض عن الدنيا في هذا اليوم والإقبال على الله ووجوه يومئذٍ باسرة.
تظن أن يفعل بها فاقرة بسبب الإقبال على الدنيا في هذا اليوم والإدبار عن الله جزاء وفاقاً وقال بعضهم : وجوه يومئذٍ ناضرة للتنور بنور القدس والاتصال بعالم النور والسرور والنعيم الدائم ووجوه يومئذٍ باسرة كالحه لجهامة هيئاتها وظلمة ما بها من الجحيم والنيران وسماجة ما تراه هنالك من الأهوال وسوء الجيران كلا} ردع عن إيثار العاجلة على الآخرة أي ارتدعوا عن ذلك وتنبهوا لما بين أيديكم من الموت الذي ينقطع عنده ما بينكم وبين العاجلة من العلاقة ﴿إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِىَ﴾ الضمير للنفس وإن لم يجر لها ذكر لأن الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها وتقول العرب أرسلت يريدون جاء المطر ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء ءَ إذا بلغت النفس الناطقة وهي الروح الإنساني أالي الصر وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال فإذا بلغت إليها يكون وقت الغرغرة وبالفارسية ون برسد روح باستخوا نهاي سينه وكردن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٣
وفي "كشف الأسرار" وقت كه جان بنبر كردن رسد.
جمع ترقوة بفتح التءا والواو وسكون الراء وضم القاف قال في "القاموس" الترقوة ولا تضم تاؤه العظم بين ثغرة النحر والعاتق انتهى.
والعاتق موضع الرداء من المنكب قال بعضهم : لكل أحد ترقوتان ولكن جمع التراقي باعتبار الأفراد وبلوغ النفس التراقي كناية عن عدم الإشفاء يعني بكناره اورسيدن ونزديك شدن.
والعامل في إذا بلغت معنى قوله إلى ربك يومئذٍ المساق أي إذا بلغت النفس الحلقوم رفعت وسيقت إلى الله أي إلى موضع أمر الله أن ترفع إليه ﴿وَقِيلَ مَنْا رَاقٍ﴾ معطوف على بلغت وقف حفص على من وقفة يسيرة من غير تنفس قال بعضهم لعل وجهه استثقال الراء المشددة التي بعدها قاف غليظ تلفظ في الإدغام واستكراه القطع التام بين المبتدأ والخبر والاستفهام والمستفهم عنه في النفس والفرار من الإظهار دون سكتة لأنه يعد من اللحن عند اتصال النون الساكنة بالراء بين أهل القراءة وقال من حضر صاحبها من يرقيه يعني افسون ميكنند.
وينجبه مما هو فيه من الرقية وهو التعويذ بما به يحصل الشفاء كما يقال بسم الله أرقيك وفعله من باب ضرب والاستفهام على هذا يحتمل أن يكون بمعنى الطلب كأن الذين حول ذلك الإنسان طلبوا له طبيباً يعالجه وراقياً يرقيه ويحتمل أن يكون استفهاماً بمعنى الإنكار كما يقال عند اليأس من الذي يقدر أن يرقى هذا الإنسان المشرف على الموت وهو الظاهر كما قال الراغب من راق أي من يرقية تنبيهاً على أنه لا راقي يرقيه فيحييه وذلك إشارة إلى نحو ما قال :
وإذا المنية أنشبت أظفارها
الفي كل تميمة لا تنفع
التميمة خرزات كان العرب يعلقونها على أولادهم خوفاً من العين وهو باطل لقوله عليه السلام : من علق تميمة فقد أشرك وإياها أراد صاحب البيت المذكور وقيل : و من كلام ملائكة الموت يقولون أيكم يرقى بروحه ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب من
٢٥٤


الصفحة التالية
Icon