قال بعضهم : اختلفت أحوالهم في الدنيا فاختلفت مشاربهم في الآخرة فكل يسفي ما يليق بحاله كعيون الحياء وعيون الصبر وعيون الوفاء وغير ذلك ثم إن الكأس إما نفسانية شيطانية وهي ما تكون لأهل الفسق في الدنيا وهي حرام وفي الحديث :"إذا تناول العبد كأس الخمر ناشده الإيمان بالله لا تدخلها على فاني لا استقر أنا وهي في وعا واحد فإن أبى وشربها نفر الإيمان نفرة لا يعود إليه أربعين صباحاً فإن تاب تاب الله عليه، ونقص من عقله شيء لا يعود إليه أبداً" وإما جسمانية رحمانية وهي ما تكون للمؤمنين في دار الآخرة عطاء ومنحة من الله الوهاب وإما روحانية ربانية وهي ما تكون لأهل المحبة والشوق في الدارين وهي ألذ الأقداح قال مولانا جلال الدين قدس سره :
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٥٨
ألا يا ساقيا إني نظمئان ومشتاق
ادر كأساً ولا تنكر فإن القوم قد ذاقوا
خذ الدنيا وما فيها فإن العشق يكفين
لنا في العشق جنات وبلدان وأسواق
﴿يُوفُونَ بِالنَّذْرِ﴾ استئناف كأنه قيل ماذا يفلعون حتى ينالوا تلك الرتبة العالية فقيل يوفون بما أوجبوه على أنفسهم فكيف بما أوجبه الله عليهم من الصلاة والزكاة والصوم والحج وغيرها فهو مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات والإيفاء بالشيء هو الإتيان به تاماً وافياً والنذر إيجاب الفعل المباح على نفسه تعظيماً بأن يقولعلى كذا من الصدقة وغيرها وإن شفى مريضي أورد ائبي فعلى كذا واختلفوا فيما إذا علق ذلك بما ليس من وجوه البر كما إذا قال إن دخل فلان الدار فعلى كذا ففي الناس من جعله كاليمين ومنهم من جعله من باب النذور قيل النذر كالوعد إلا أنه إذا كان من العباد فهو قذر وإذا كان من الله فهو وعد والنذر قربة مشروعة ولا يصح إلا ي الطاعة وفي الحديث "من نذر أن يطيع الله فليطعمه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" قال هارون بن معروف جاءني فتى فقال إن أبي حلف علي بالطلاق أن أشرب دواء مع مسكر فذهبت به إلى أبي عبد الله فلم يرخص له وقال : قال عليه السلام :"كل مسكر حرام وإذا جمع الأطباء على أن شفاء المريض في الخمر لا يشربها إذا كان له دواء آخر وإذا لم يكن يشربها ويتداوى بها" في قول ثم إن الاهتمام بما أوجب الله على عبده ينبغي أن يكون أكمل مما أوجه العبد على نفسه ومن الناس من هو على عكس ذلك فإنه يتهاون بما أوجبه الله عليه فإن يؤدي الصلاة الواجبة مثلاً وإذا نذر شيئاً في بعض المضايقات يسارع إلى الوفاء وليس إلا من الجهل.
وقال القاشاني : أي الأبرار يوفون بلعهد الذي كان بينهم وبينصبيحة يوم الأزل بأنهم إذا وجدوا التمكن بالآلات والأسباب أبرزوا ما في مكامن استعداداتهم وغيوب فطرتهم من الحقائق والمعارف والعلوم والفضائل وأخرجوها إلى الفعل بالتزكية والتصفية ﴿وَيَخَافُونَ يَوْمًا﴾ أي يوم القيامة ﴿كَانَ شَرُّهُ﴾ أي هو له وشدته وعذابه ﴿مُسْتَطِيرًا﴾ فاشياً منتشراً في الأقطار غاية الانتشار بالغاً أقصى المبالغ.
يعني يهمه كس
٢٦٤
بهمه جا رسيده.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٥٨