من الاستطار الحريق أي النار وكذا الفجر قال في "القاموس" المستطير الساطع المنتشر واستطار الفجر انتشر وهو أبلغ من طار بمنزلة استنفر من نفر وأطلق الشر على أهوال القيامة وشدائدها المنتشرة غاية الانتشار حتى ملأت السموات والأرض مع إنها عين حكمة وصواب لكونها مضرة بالنسبة إلى من تنزل عليه ولا يلزم من ذلك إن لا يكون خيره مستطيراً أيضاً فإن ليوم القيامة أموراً سارة كما إن له أموراً ضارة وقال سهل رحمه الله البلايا والشدائد عامة في الآخرة للعامة والملامة خاصة للخالصة ثم إن يوفون الخ بيان لأعمالهم وإتيانهم لجميع الواجبات وقوله ويخافون.
الخ.
بيان لنياتهم حيث اعتقدوا يوم البعث والجزاء فخافوا منه فإن الطاعات إنما تتم بالنيات وبمجموع هذين الأمرين سماهم الله بالأبرار قال بعض العارفين يشير إلى أرباب السلوك في طريق الحق وطلب حيث أوجبوا على أنفسهم أنواع الرياضات وأصناف المجاهدات وتركوا الرقاد وأهلكوا بالجوع الأجساد وأحرقوا بالعطش الأكباد وسدوا الأذان من استماع كلام الأغيار وأعموا أبصارهم عن رؤية غير المحبوب الحقيقي وختموا على القلوب عن محبة غير المطلوب الأزلي خوفوا أنفسهم من يوم تجلى صفة القهر والسخط باستيلاء الهيئات المظلمة على القلب وهو نهاية مبالغ الشر فاجتهدوا حتى خلصهم الله مما خافوا وأدخلهم في حرمه الآمن ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ﴾ أي كائنين على حب الطعام ولحاجة إليه ونحوه لن تالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون أو على حب الإطعام فيطعمون بطيب النفس فالضمير إلى مصدر الفعل كما في قوله تعالى :﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ أو كائنين على حب الله أو إطعاماً كائناً على حبه تعالى وهو الأنسب لما سيأتي من قوله لوجه الله فالمصدر مضاف إلى المفعول والفاعل متروك أي على حبهمويجوز أن يضاف إلى الفاعل والمفعول متروك أي على حب الله الإطعام والطعام خلاف الشراب وقد يطلق على الشراب أيضاً لأن طعم الشءي ذوقه مأكولاً أو مشروباً والظاهر الخصوص وإن جاز العموم.
واعلم أن مجامع الطاعات محصورة في أمرين الطاعة لأمر الله وإليه الإشارة بقوله يوفون بالنذر والشفقة على خلق الله وإليه الإشارة بقوله ويطعمون الطعام فإن الطعام وهو جعل الغير ط ما كناية عن الإحسان إلى المحتاجين والمواساة معهم بأي وجه كان وإن لم يكن ذلك بالطعام بعينه إلا أن الإحسان بالطام لما كان أشرف أنواع الإحسان عبر عن جنس الإحسان باسم هذا النوع كما في حواشي ابن الشيخ وقال بعض أهل المرعفة أي يتجردون عن المنافع المالية ويزكون أنفسهم عن الرذائل خصوصاً عن الشح لكون محبة المال أكثف الحجب فيتصفون بفضيلة الإيثار وسد خلة الغير في حال إحتياجهم أو يزكون أنفسهم عن رذيلة الجهل فيطعمون الطعام الروحاني من الحكم والشرائع على حب الله من ذكر من قوله مسكيناً} فقيراً لا شيء له عاجزاً عن الكسب وبالفارسية درويش بي مايه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٥٨
وقال القاشاني المسكين الدائم السكون إلى تراب البدن ﴿وَيَتِيمًا﴾ طفلاً لا أب له ﴿وَأَسِيرًا﴾ الأسر الشد بالقد سمى الأسير بذلك ثم قيل لكل
٢٦٥
مأخوذ مقيد وإن لم يكن مشدوداً بذلك والمعنى وأسيراً مأخوذاً لا يملك لنفسه نصراً ولا حيلة أي أسير كان فإنه عليه السلام، كان يونى بالأسير فيدفعه إلى بعض المسلمين فيقول أحسن إليه لأنه يجب الطعام الأسير الكافر والإحسان إليه في داراً للإسلام بما دون الواجبات عند عامة العلماء إلى أن يرى الامام رأيه فيه من قتل أو من أو فداء أو استرقاق فإن القتل في حال لا ينافي وجوب الإطعام في حال أخرى ولا يجب إذ عوقب بوجه إن يعاقب بوجه آخر ولذا لا يحسن فيمن يلزمه القصاص أن يفعل به غير القتل أو المعنى أسيراً مؤمناً فيدخل فيه المملوك عبداً أو أمة وكذا المسبحون.
يعني مسبون از أهل فقركه در حقي از حقوق مسلمين حبس كرده باشند.
وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلّم الغريم أسيراً فقال غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك أي بلإمهال والوضع عنه بعضاً أو كلا وهو كل الإحسان وفي الحديث :"من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ضل إلا ظله" أي حماه من حرارة القيامة وقيل الزوجة من لإسراء في يد الأزواج لما قال عليه السلام :"اتقوا الله في النساء فإنن عواني عندكم والعاني الأسير" وفي "القاموس" العواني النساء لأنهن يظلمن فلا ينتصرن.
وقال القاشاني : الأسير المحبوس في أسر الطبيعة وقيود صفات النفس.
وفي التأويلات النجمية : ويطمعون طعام المعراف والحكم الإلهية المحبوبة لهم مسكين السر لقرب انقياده تحت حكم الروح وذلته تحت عزته ويتيم القلب لبعد عهده ومكانه من أبيه الروح وأسير الأعضاء والجوارح المقيدين بقيود أحكام الشريعة وحبال آثار الطريقة انتهى.
﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ﴾ جزاين نيست كه ميخو رانيم شمارا أي طعامها براي رضاي خدا.


الصفحة التالية
Icon