فلما أصبحوا في اليوم الرابع أخذ علي بيد الحسن والحسين رضي الله عنهم فأقبلوا على النبي صلى الله عليه وسلّم فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال عليه السلام ما أشد ما يسوءني ما أرى بكم وقام فانطلق معهم فرأ فاطمة في محرابها قد التصق ظرها ببطها وغرات عيناها فساءه ذلك فنزل جبريل عليه السلام وقال خذ يا محمد هنأك الله في أهل بيتك فاقرأه السورة ولا يلزم من هذا أن يكون المراد من الأبرار أهل البيت فقط لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب فيدخل فيه غيرهم بحسب الاشتراك في العمل وقد ضعفت القصة بتضعيف الراوي إلا أنها مشهورة بين العلماء مسفورة في الكتب قال الحكيم الترمذي رحمه الله، هذا حديث مفتعل لا يروج إلا على أحمق جاعل ورواه ابن الجوزي في الموضوعات وقال لا شك في وضعه ثم صحة الرواية تقتضي كون الآية مدنية لأن إنكاح رسول الله فاطمة عليا كان بعد وقعة أحد وقد قال الجمهور إن السورة مكية هكذا قالوا سامحهم الله تعالى قال المولى الفناري في تفسير الفاتحة نقلاً عن جمع من العلماء الكبار إن هل أتى على الإنسان من السور النازلة في المدينة وكذا قال مجاهد وقتادة مدنية إلا آية واحدة وهي ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً فإنها مكية وكذا قال الحسن وعكرمة والماوردي مدنية إلا قوله فاصبر لحكم ربك إلى الآخر فإنه مكي ودل على ذلك إن الأسير إنما كان في المدينة بعد آية القتال والأمر بالجهاد فضمت الآيات المكية إلى الآيات المدنية فإن شئت قلت إنها أي السورة مكية وإن شئت قلت إنها مدنية على أن الآيات المدنية في هذه السورة أكثر كمية من الآيات المكية فالظاهر أن تسمى مدنية لا مكية ونحن لا نشك في صحة القصة والله أعلم ﴿مُّتَّكِـاِينَ فِيهَا﴾ أي في الجنة ﴿عَلَى الارَآاـاِكِ﴾ بر تختهاى آراسته.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٥٨
قوله متكئين حال من هم في جزاهم والعامل فيها جزى قيد المجازاة بتلك الحال لأنها أرفه الأحوال فكان غيرها لا يدخل في الجزاء والأرائك هي السرور في الحجال تكون في الجنة من الدر والياقوت موضونة بقضبان الذهب والفضة وألوان الجواهر جمع أريكة كسفينة ولا تكون أريكة حتى تكون في حجلة وهي بالتحريك واحدة حجال العروس وهي بيت مزين بالثياب والستور
٢٦٩
والطاهر أن على الأرائك متعلق بمتكئين لأن الاتكاء يتعدى بعلي أي مستقرين متمكنين على الأرائك كقوله : متكئين على فرش ولا يبعد أن يتعلق بمقدر ويكون حالاً من ضمير متكئين أي متكئين فيها على الوسائد أو غيرها مستقرين على الأرائك فيكون الاتكاء بمعنى الاعتماد ﴿لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا﴾ أي حرارة ولا برودة كما يرون في الدنيا لأن الحرارة غالبة على أرض العرب والبرودة على أرض على أرض العجم والروم وهو حال ثانية من الضمير أي يمر عليهم هواء معتدل لا حار ولا بارد مؤذد يعني إن قوله لا يرون الخ كناية عن هذا المعنى والزمهرير شدة البرد وازمهر اليوم اشتد برده وفي الحديث :"هواء الجنة سجسج لا حرفيه ولا قراي معتدل لا حر فيه ولا برد فإن القر بالضم البرد وفي الخبر عن النبي عليه السلام إنه قال اشتكت النار إلى ربها فقالت : أكل بعضي بعضاً فنفسني فإذن لها في كل عام بنفسين نفس في الشتاء ونفس في الصيف فأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم وأشد ما تجدون من الحر من حرها وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما إنه ال فبينما أهل الجنة في الجنة أذرأوا ضوأ كضوء الشمس وقد أشرقت الجنان له فيقول أهل الجنة يا رضوان قال : ربنا عز وجل لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً فيقول لهم رضوان ليست هذه بشمس ولا قمر ولكن هذه فاطمة وعلي رضي الله عنهما ضحكاً ضحكاً أشرقت الجنان من نور ضحكهما وفيهما أنزل الله تعالى هلى أتى على الإنسان حين من الدهر إلى قوله وكان سعيكم مشكوراً.
قال القاشاني : لا يرون في جنة الذات شمس حرارة الشوق إليها مع الحرمان ولا زمهرير برودة الوقوف مع الأكوان فإن الوقوف مع الكون برد قاسر وثقل عاصر.