والخلد لقرط وفي التاج له من الخلد وهو الروح كأنهم روحانيون لا جسم لهم ﴿إِذَا رَأَيْتَهُمْ﴾ يا من شأنه الرؤية ﴿حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا﴾ جمعه اللألى وتلألأ الشيء لمع لمعان اللؤلؤ ﴿مَّنثُورًا﴾ متفرقاً لحسنهم وصفاء ألوانهم وإشراق وجوههم وتفرقهم في مجلس الخدمة عند اشتغالهم بأنواع لخدمة وطوافهم على المخدومين مسارعين في الخدمة ولو اصطفوا على وتيرة واحدة لشبهوا اللؤلؤ المفهوم واللؤلؤ إذا كان متفرقاً يكون أحسن في المنظر من المنظوم لوقوع شعاع بعضه عى بعض بغاية بياضه وبريقه فيكون مخالفاً للمجتمع فيه والظاهر على ما ذهب إليه البعض منثوراً أي متفرقاً في الجنة فهو أحسن من القيد بمجلس الخدمة وشبهت الحور العين باللؤلؤ المكنون أي المخزون لأنهن لا ينتشرن انتشار الولدان بل هن حور مقصورات في الخيام قال في عين المعاني وفيه إشارة إلى أن الاستمتاع بظواهرهم يكون بخلاف الحور المشبهة بالبيض لأنه يجمع بياض للون إلى لذة العلم انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٥٨
ومنه يعلم أن لا لواطة في الجنة وأن قول من جوزها مردود باطل على ما حققناه مراراً قال بعضهم : منثوراً من سلكه على البساط وعن المأمون إه ليلة زفت إليه بوران بنت الحسن بن سهل وهو على بساط منسوج بالذهب وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ فنظر إليه منثوراً على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقالدرابي نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول :
كان صغرى وكبرى من فقاقعها
حصباء در على أرض من الذهب
وقال بعضهم : منثوراً من صدفه يعني إنهم شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا أنثر من صدفه وهو غير مثقوب لأنه أحسن وأكثر ماء وبالفارسية مرواريد افشانده شده از صدف يعني تروتازه كه هنوز دست كس بدان نرسيده ودر رونق وآب داد شان قصورى يدا نشده.
قال في كشف الأسرار : ولدان مخلدون أي غلمان ينشئهم الله لخدمة المؤمنين انتهى.
فسمى الغلمان ولدانا لأنهم على وصرتهم على أر في إطلاقهم عليهم خطاباً بما يتعارفه الناس فلا يلزم ولادتهم في الجنة
٢٧٣
وقال في عين المعاني :"قيل إنهم ولدان الكفار يدخلون الجنة خدماً لأهلها بدليل إنهم سموا ولدانا ولا ولادة في الجنة انتهى.
وفي اللباب اختلفوا في الولدان فقيل أنشأهم الله لأهل الجنة من غير ولادة لأن الجنة لا ولادة فيها وهم الذين قالفيهم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون أي مخزون مصون لم تمسه الأيدي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام وكل غلام على علم ما عليه صاحبه وروى أن الحسن رحمه الله، لما تلا هذه الآية قال قالوا يا رسول الله الخادم كاللؤلؤ لمكنون فكيف المخدوم فقال فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب وروى عن علي رضي الله عنه والحسن البصري رضي الله عنه إن الولدان هنا ولدان المسلمين الذين يموتون صغاراً ولا حسنة لهم ولا سيئة لهم وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه أطفال المشركين هم خدم أهل الجنة وعن الحسن رحمه الله، لم تكن لهم حسنات يجازون بها ولا سيئات يعاقبون عليها فوضعوا هذا الموضع انتهى.
كلام اللباب فالله تعالى قادر على أن يجعل أموات الكفار الذين لا يليقون بالخدمة في الدنيا لغاية صغرهم في مرتبة القابلية لها في الآخرة بكمال قدرته وتمام رحمته قال النووي الصحيح الذي ذهب إليه المحققون إنهم من أهل الجنة وقال الطيبي في شرح المشكاة الحق التوقف أي لا الحكم بأنهم من أهل الجنة كما ذهب إليه البعض ولا بأنهم تبع لآبائهم في النار كما ذهب إليه البعض الآخر فالمذاهب إذا فيهم ثلاثة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٥٨
وفي التأويلات النجمية : ويطوف عليهم ولدان مخلدون أي تجليات ذاتية مقرضون بقرطة الأسماء والصفات إذا رأيتهم حسبنهم لؤلؤ منثوراً من تشعشع أنوار الذات وتلألؤ أنوار العسفات والأسماء ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ﴾ وون بنكرى ونظر كنى دربهشت.
قال في الإرشاد : ليس له مفعول ملفوظ ولا مقدر ولا منوي بل معناه أي مآل المعن أن بصرك أينما وقع في الجنة ﴿رَأَيْتَ نَعِيمًا﴾ كثيراً لا يوصف وهو ما يتنعم به ﴿وَمُلْكًا كَبِيرًا﴾ أي واسعاً وهينئاً كما في الحديث أدنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه والآية من باب الترقي والتعميم يعني أن هناك أموراً آخراً على وأعظم من القدر المذكور.
در فصول آمده كه نعيم راحت أشباح است وملك كبير لذات أوراح نعيم ملاحظه دارست وملك كبير مشاهده ديدار وداربي دبدار بهي كرنيابد الجبار ثم الدار زاهد إن فردوس ميحويند وما ديدار دوست.
وفي التأويلات النجمية : يعني إذا تحققت بمقام التوحيد وحال الوحدة وصلت إلى نعيم الشهود والملك المشهود والكبير في ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله انتهى.