وفي التأويلات النجمية وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجاً أي من سموات الأرواح بتحريك نفخات الألطاف مياه العلوم الذاتية والحكم الربانية صباً صباً لتخرج به حباً ونباتاً أي أنزلنا من سحائب سموات أرواحكم على أرض قلوبكم ماء العلوم والحكم لنخرج به حب المحبة الذاتية ونبات الشوق ولاشتيقا والود والانزعاج والعشق وأمثالها وجنات
٢٩٨
ألفافاً جنة المحبة وجنة المودة وجنة العشق ملتف بعضها ببعض ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ﴾ أي فصل الله بين الخلائق وبين السعداء والأشقياء باعتبار تفاوت الهيئات والصور والأخلاق والأعمال وتناسبها ﴿كَانَ﴾ في علمه وتقديره الأزلي وإلا فثبوت المقاتية ليوم الفصل غير مقيد بالزمان الماضي لأنه أمر مقرر قبل حدوث الزمان أيضاً ﴿مِيقَـاتًا﴾ وميعاد البعث الأولين والآخرين وما يترتب عليه من الجزاء ثواباً وعقاباً لا يكاد يتخطاه بالتقدم والتأخر فالميقات وهو الوقت الموقت أي المعين أخص من مطلق الوقت فهو هنا زمان مقيد بكونه وقت ظهور ما وعد الله من البعث والجزاء ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ﴾ بدل من يوم الفصل أو عطف بيان له مفيد لزيادة تفخيمه وتهويله ولا ضير في تأخر الفصل عن النفخ فإنه زمان ممتد يقع في مبدئه النفخة وفي بقيته الفصل ومباديه وآثاره والنفخ نفخ الريح في الشيء ومنه نفخ الروح في النشأة الأولى كما فقال ونفخت فيه من روحي ويقال انتفخ بطنه ومنه استعير انتفخ النهار إذا ارتفع ورجل منفوخ أي سمين والصور القرن النوراني والنافخ فيه إسرافيل عليه السلام، والمعنى يوم ينفخ في الصور نفخة ثانية للبعث حتى تتصل الأرواح بالأجساد وترجع بها إلى الحياة ﴿فَتَأْتُونَ﴾ خطاب عام والفاء فصيحة تفصح عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذاناً بغاية سرعة الإتيان كما في قوله تعالى :[البقرة : ٦٠-١٨]﴿فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ﴾ أي فتبعثون من قبوركم فتأتون إلى الموقف عقيب ذلك من غير لبث أصلاً أفواجاً} جمع فوج وهو جماعة من الناس في "المفردات" الجماعة المارة المسرعة أي حال كونكم أمما كل أمة مع أمامها كما في قوله تعالى :﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسا بِإِمَـامِهِمْ﴾ أو زمراً وجماعات مختلفة الأحوال متباينة الأوضاع حسب اختلاف أعمالهم وتباينها عن معاذ رضي الله عنه أنه سأل عنها رسول الله فقال عليه السلام : يا معاذ سألت عن أمر عظيم من الأمور ثم أرسل عينيه وقال تحشر عشرة أصناف من أمتي بضهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكسون أرجلهم فوق وجوههم يسحبون عليها يعني نكونسارن كه ايشانرا بروى بدوزخ ميكشند.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٩٢
وبعضهم عمى وبعضهم صم بكم وبعضهم يمضغون ألسنتهم وهي مدلاة على صدورهم يسيل القبح من أفواههم يتقذرهم أهل الجمع وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم وبعضهم صلبون على جوذع من نار يعني بردارهاي آتشين آويخته.
وبعضهم أشدتنا من الجيف وبعضهم ملبسون جباباً سابة من قطران لازقة بجلودهم فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس وهو بالضم جمع قات بالتشديد بمعنى النمّام يعني سخن ين.
(حكى) إن رجلاً بع عبداً وقال للمشتري ما فيه عيب إلا النمية فقال رضيت فاشتراه فمكث الغلام أياماً ثم قال لزوجة مولاه إن زوجك لا يحبك وهو يريد أن تتسرى عليك فخذي الموسى وأحلقي من قفاه حين ينام شعرات حتى أسحر عليه فيحبك ثم قال للزوج إن امرأتك أخذت خليلاً وتريد أن تقتلك فتناوم لها حتى تعرف فتناوم فجاءت المرأة بالموسى فظن إنها تقتله فقام فقتلها فجاء أهل المرأة فقتلوا الزوج فوقع القتال بين القبيلتين وطال الأمر وأما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت أي الحرام لأنه يسحت الدي والمروءة أي يستأصل وأما المنكسون
٢٩٩
على وجوههم فأكلة الربا والتنكيس تعكيس هيئة القيام على الرجل بأن يجعل الرجل أعلى والرأس أسفل وبالفارسية نكو نسار كردن.
وأما العمى فالذين يجورون في الحكم وأما إليكم فالمعجبون بأعمالهم وأما الذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقصاص الذين خالف قولهم أعمالهم وأما الذين قطعت أيديهم وأرجلهم فهم الذين يؤذون جيرانهم وأما المصلبون على جذوع من النار فالسعاة بين الناس إلى السلطان يعني غمازان وسعايت كتند كان بسلاطين وملوك.


الصفحة التالية
Icon