والغساق ما يغسق أي يسيل من جلود أهل النار ويقطر من صديدهم وقيحهم أخبر الله تعالى عن الطاغين بأنهم لا يذوقون في جهنم شيئاً ما من برد وروح ينفس عنهم حر النار ولا من شراب يسكن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميماً وغساقاً فالاستثناء منقطع وقال الزجاج لا يذقون فيها برد رح ولا برد ظل ولا برد نوم فجعل البرد برد كل شيء له راحة فيكون قوله ولا شراباً بمعنى ولا ماء بارداً تخصيصاً بعد التعميم لكماله في الترويح فيكون مجموع البلاد والشراب بمعنى المروح فيكون قوله إلا حميماً وغساقاً مستثنى منقطعاً من البرد والشراب وإن فسر الغساق بالزمهرير فاستثناؤه من البرد فقط دون الشراب لأن الزمهرير ليس بما يشرب كما إن استثناء حميماً من الشراب والتأخير لتوافق رؤوس الآي ويؤيد الأول قوله عليه السلام لو أن دلوا من غساق يهراق في الدنيا لا نتن أهل الدنيا وإن فسر ما يسيل من صديدهم فالاستثناء من الشراب وعن ابن مسعود رضي الله عنه الساق لون من ألوان العذاب وهو البلاد الشديد حتى إن أهل النار إذا ألقوا فيه سألوا الله أن يعذبهم في النار ألف سنة لما رأوا أهون عليهم من عذاب الزمهرير يوماً واحداً وقال شهرين حوشب الغساق واد في النار فيه ثلاثمائة وثلاثون شعباً في كل شعب ثلاثمائة وثلاثون بيتاً في كل بيت أربع زوايا في كل زاوية شجاع كأعظم ما خلق الله من الخلق في رأس كل شجاع سم والشجاع الحية هذا وقد جوز بعضهم أن يكون لا يذوقون حالاً من المنوى في لابثين لا كلاماً مستأنفاً أي لا بنين فيها أحقاباً غير ذائقين فيها شيئاً سواهما ثم يبدلون بعد الأحقاب غير الحميم والغساق من جنس رُر من العذاب فكيون حالاً متداخلة ويكون قوله أحقاباً ظرف لابثين المقيد بمضمون لا يذوقون وانتهاءه ذا المقيد لا يستلزم انتهاء مطلق اللبث فهو توقيت للعذاب لا للمكث في النار عن ابن مسعود رضي الله عنه لو علم أهل النار إنهم يلبثون في النار عدد حصى الدنيا لفرحوا ولو علم أهل الجنة إنهم يلبثون في الجنة عدد حضى الدنيا لحزنوا وأيضاً يجوز أن يكون أحقاباً ظرفاً منصوباً بلا يذوقون على قول من يرى تقديم معمول ما بعد لا عليها لا ظرفاً
٣٠٣


الصفحة التالية
Icon