لقوله لابثين فحينئذٍ لا يكون فيه دلالة على تناهي الليث والخروج حيث لم يكون أحقاباً ظرف اللبث وأيضاً يجوز أن يكون أحقاباً ليس بظرف أصلاً بل هو حال من الضمير المستكن في لابثين بمعنى حقيين أي نكدين محرومين من الخير والبركة في السكون والحركة على أن يكون جمع حقب بفتح الحاء وكسر القاف من حقب الرجل إذا حرم الرزق وحقب العام إذا قل خيره ومطره وقوله لا يذوقون فيها برداً تفسير لكيدهم ولا يتوهم حينئذٍ تناهى مدة لبثهم فيها حتى يحتاج إلى التوجيه هذا ما قالوه في هذا المقام وروى عن عبد الله بن عمر وابن العاص رضي الله عنه إنه قال سيأتي على جهنم يوم تصفق أبوابها أي يضرب بعضها بعضاً وقد أسندت هذه الرواية إلى ابن مسعودرضي الله عنه كما في العرائس ويروى عنه إنه قال ليأتين على جهم زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد وذلك بعدما يلبثون فيها أحقاباً وفي العرائس أيضاً وقال الشعبي جهنم أسرع الدارين عمر أنا وأسرعهما خراباً وفي الحديث الصحيح ينبت الجرجير في قعر جهم أي لانطفاء النار وارتفاع العذاب بمقتى قوله سبقت رحمتي على غضبي كما في شرح الفصوص لداود القيصري والجرجير بالكسر بقلة معروفة كما في القاموس وقال المولى الجامي رحمه الله في شرح الفصوص أيضاً أعلم أن لأهل النار الخالدين فيها كما يظهر في كلام الشيخ رضي الله عنه وتابعيه حالات ثلاثاً الأولى إنهم إذا دخلوها تسلط لعذاب على ظواهرهم وبواطنهم وملكهم الجزع والاضطراب فطلبوا أن يخف عنهم العذاب أو أن يقضي عليهم أو أن يرجعوا إلى الدنيا فلم يجابوا إلى طلباتهم والثانية إنهم إذا لم يجابوا إلى طلباتهم وطنوا أنفسهم على العذاب فعند ذلك رفع الله العذاب عن بواطنه وخبت نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة والثالثة أنهم بعد مضي الأحقاب ألفوا العذاب وتعودوا به ولم يتعذبوا بشدته بعدطول مدته ولم يتألموا به وإن عظم إلى أن آل أمرهم إلى أن يتلذذوا به ويستعذبوه حتى لو هب عليهم نسيم من الجنة استكرهوه وتعذبوا به كالجعل وتأذيه برئحة الورد عافانا الله وجميع المسلمين من ذلك والجعل بضم اليم وفتح اليعن دويبة تكون بالروث والجمع جعلان بالكسر وقال المولى رمضان والمولى صالح الدين في شرح العقائد قا بعض الإسلاميين كل ما أخبر الله في القرآن من خلود أهل الدارين حق لكن إذا ذبح كبش الموت بين الجنة والنار ونودي أهلهما بالخلود فيهما أيس أهل النار من الخلاص فاعتادوا بالعذاب فلم يتألموا به حتى آل أمرهم إلى أن يتلذذوا به والوهب عليهم نسيم الجنة استكرهوا وتعذبوا به كالجعل يستطيب الروث ويتألم من الورد فيصدق حينئذٍ قوله تعالى : إن الله يغفر الذنوب جميعاً على عمومه لارتفاع العذاب عنهم ويصدق أيضاً قوله تعالى : لا يخفف عنهم العذاب لأن المراد العذاب المقدر لهم وقال بعض إلا كامل فكما إذا استقرا هل دار الجمال فيها يظهر عليهم أثر الجمال ويتذوقون به دائماً أبداً ويختفى جلال الجمال وأثره بحيث
٣٠٤
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٩٢